د.حسين العالم يكتب:الرباعية الدولية: مفاتيح متقاطعة لأزمة السودان.. هل تقود نحو السلام أم تُفاقم الصراع؟

د.حسين العالم يكتب:الرباعية الدولية: مفاتيح متقاطعة لأزمة السودان.. هل تقود نحو السلام أم تُفاقم الصراع؟
في ظل الحرب المستعرة في السودان، برز اجتماع وزير الخارجية الأمريكي مع نظرائه من السعودية ومصر والإمارات كخطوة لافتة، تعيد تسليط الضوء على دور هذه الدول الأربع، المعروفة بـ”الرباعية”، في مسار الأزمة السودانية.
ورغم ما يجمع بينها من أهداف معلنة، فإن تباين المصالح والرهانات يطرح تساؤلات جوهرية حول إمكانية توحيد جهودها لإنهاء الحرب وتحقيق الاستقرار.
نقاط الاتفاق: أهداف مشتركة رغم التباينات
وقف الحرب ومنع انهيار الدولة: تتفق الرباعية على ضرورة وقف النزاع لتفادي سيناريوهات مشابهة لليبيا واليمن، وحماية السودان من التفكك والانهيار.
تبنّي الحل السياسي: تركز جميع الدول الأربع على أهمية الحل السلمي عبر مفاوضات شاملة تفضي إلى انتقال ديمقراطي.
القلق من النفوذ الأجنبي: تبدي الرباعية قلقًا مشتركًا من التدخلات الخارجية، خصوصًا من روسيا، إيران، تركيا، وقطر، لما لها من تأثيرات معقدة على الوضع.
أمن البحر الأحمر: يشكل استقرار السودان عنصرًا أساسيًا في حماية الممرات البحرية، خاصة مع وجود قواعد عسكرية تابعة لهذه الدول في المنطقة.
محاور الاختلاف: مصالح متضاربة وصراع نفوذ
السعودية: تبدو محايدة ظاهريًا، لكنها تميل لدعم الجيش السوداني، حفاظًا على أمن حدودها الجنوبية، وتعزيزًا لدورها كوسيط إقليمي في مواجهة نفوذ الإمارات.
الإمارات: تُتهم بدعم قوات الدعم السريع لأسباب اقتصادية (الذهب، الزراعة) وأمنية (مواجهة الإسلاميين)، وتسعى لتوسيع نفوذها في شرق إفريقيا.
مصر: تقف بوضوح إلى جانب الجيش، بدافع أمن حدودها الغربية ومنع تدفق اللاجئين، وترى في الدعم السريع تهديدًا مباشرًا.
الولايات المتحدة: ترفض انتصار أي طرف على الآخر، وتتبنى مقاربة توازن القوى، لكنها فرضت عقوبات على قائد الجيش واتهمته باستخدام أسلحة محرّمة، مما يرجّح ميلها غير المباشر نحو “الدعم السريع”.
ماذا على الحكومة السودانية أن تفعل؟
لتتمكن الحكومة السودانية من التفاعل بفعالية مع هذا المشهد المتشابك، ينبغي أن تحدد بدقة أهدافها الاستراتيجية في هذه الحرب، والتي يمكن تلخيصها في الآتي:
الحفاظ على وحدة السودان وسيادته.
بناء جيش قومي موحد يستوعب كافة القوى المسلحة ضمن منظومة مؤسسية احترافية.
الاتفاق على الديمقراطية كخيار وحيد لتداول السلطة.
كيف يمكن توظيف دور الرباعية؟
يمكن تقسيم الأدوار الإقليمية والدولية بناءً على مصالح كل دولة على النحو التالي:
السعودية: تتولى الوساطة المباشرة بين الأطراف.
الإمارات: تضغط على الدعم السريع لوقف القتال.
مصر: تدعم موقف الجيش خلال المفاوضات.
الولايات المتحدة: تقدم ضمانات دولية لأي اتفاق سياسي.
ويمكن أن يتبع هذا التحرك حزمة حوافز مشروطة تشمل:
مساعدات مالية عاجلة مرتبطة بوقف إطلاق النار.
رفع العقوبات عن بعض القادة حال قبولهم بالحل السياسي.
إشراف دولي محايد من الاتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة، لتقليل الشكوك وبناء الثقة بين الأطراف.
خلاصة: هل تنجح الرباعية؟
إن امتلاك الرباعية لنفوذ سياسي واقتصادي وعسكري يمكن أن يجعلها مفتاحًا حقيقيًا للحل، شريطة أن تتوفر الإرادة الموحدة، ويتم ضبط التنافس الإقليمي.
ولن يتحقق السلام في السودان ما لم تُتخذ خطوات حاسمة، أبرزها:
وقف فوري لإطلاق النار دون شروط مسبقة.
كبح التدخلات الإقليمية المتضاربة.
إطلاق عملية سياسية شاملة لا تُقصي أحدًا.
لكن التنافس الخفي بين الرياض وأبوظبي، والانقسامات داخل واشنطن، تهدد بإعاقة هذا المسار. ويبقى السودان في مهب الريح ما لم تُدار الأزمة بحكمة ومسؤولية وطنية وإقليمية.