مقالات

د.حسين العالم تكتب: العقوبات الأمريكية على السودان أين الخلل

 

د.حسين العالم تكتب: العقوبات الأمريكية على السودان أين الخلل

تاريخ العقوبات الأمريكية على السودان طويل ومعقد، ويتسم بتغيرات كبيرة في طبيعتها وشدتها على مر السنين، وذلك بالتزامن مع التغيرات في العلاقات بين البلدين، والأوضاع الداخلية في السودان.

بدأت العقوبات الأمريكية على السودان في الثمانينيات والتسعينيات استجابةً لانتهاكات حقوق الإنسان، والدعم المزعوم للإرهاب، وعدم الاستقرار السياسي. كانت هذه العقوبات بشكل عام مقيدة، وتركزت على حظر بعض الصادرات والواردات، وقيود على المساعدات. أثرت هذه العقوبات بشكل محدود نسبيًا على الاقتصاد السوداني، نظراً للاعتماد الأكبر على دول أخرى آنذاك.

– قانون حظر الأسلحة (1996): شهد هذا القانون تشديد العقوبات، وتضمين حظر كامل على توريد الأسلحة للسودان. هذا يُعتبر خطوة هامة في زيادة الضغط على النظام السوداني. مما جعل النظام السوداني يتجه شرقاً إلى الصين وينجح في توطين كثيرا من الصناعات العسكرية

ومع ذلك و في أوائل العقد الأول من الألفية الجديدة، شهدت العقوبات تصعيداً كبيراً، بسبب اتهامات بدعم الإرهاب من قبل حكومة عمر البشير، والصراع في دارفور. تضمنت هذه العقوبات حظر واسع على الاستثمار، والقروض، والتجارة. أدت هذه العقوبات إلى تدهور الوضع الاقتصادي السوداني بشكل كبير.

فى العام (2017-2018): مع تغيرات في السياسة الأمريكية نحو السودان، والتحركات نحو إجراء إصلاحات، تم إلغاء بعض العقوبات بشكل جزئي.و هذا فتح بعض الفرص الاقتصادية للسودان، ولكن بقيت بعض من العقوبات سارية.

– عقوبات جديدة (2019 وما بعدها): مع التغيرات السياسية السريعة في السودان، بما فيها إقالة عمر البشير، وثورة ديسمبر، واستمرار عدم الاستقرار، ظلت العقوبات موضوع النقاش مستمرة مما دفع السيد رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ان يدفع مبلغ 335 مليون دولار تعويضات لضحايا إرهاب تنظيم “القاعدة”  وبموجبه أصدر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بيانا يعلن فيه أن السودان أوفى بواجبه في دفع مبلغ 335 مليون دولار تعويضا لعائلات أمريكية من ضحايا هجمات شنها تنظيم “القاعدة” على سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا عام 1998. وأتى الاتفاق على دفع هذا المبلغ في إطار اتفاق يرفع بموجبه السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب في العالم وهذه العقوبات كان لها أثر كبير ومعقد على الوضع في السودان:

حيث تسببت العقوبات في تدهور الوضع الاقتصادي بشكل كبير، مما أدى إلى ارتفاع التضخم، ونقص السلع الأساسية، وانخفاض مستوى المعيشة. كما حدت من الاستثمار الأجنبي. وكانت الحكومة الأمريكية تتعلل دائما فى فرض العقوبات بملف حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب ولكن الشاهد أن هذه العقوبات المتضرر الأكبر منها هو المواطن السوداني وليس الحكومات ونجد أن الحكومات الأمريكية المختلفة فرضت عقوبات على السودان باعتبار أن سجل السودان فيما يتعلق بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب وممارسة الديمقراطية غير نظيف ونحن نعلم أن هذه القيم هى قيم الشعب الأمريكي ويريد أن يراها تسود العالم ولكن الشيء المؤسف أن سياسة الحكومات الأمريكية في الخارج تعمل عكس ذلك تماما والشاهد علي ذلك تجربتها في العراق وافغانستان وموقفها من الحرب في عزة والقضية الفلسطينية والآن فرضها العقوبات على السودان في ظل هذه الظروف التي يعاني منها المواطنون السودانيون من النزوح والتشريد فذلك يعني أن الحكومة الأمريكية تريد معاقبة الشعب السوداني بتهمة تقوم على الكذب كتلك التي حدثت في العراق و بسببها قامت الحرب وكذلك تعرض مصنع الشفاء للأدوية للقصف الأمريكي، وكانت التهمة تصنيع أسلحة كيميائية، ثم أقروا بالكذبة و الجريمة مع التعويض الخفي..

و نحن من هنآ نتوجه بالشكوى إلى الشعب الأمريكي ضد الحكومات الأمريكية المختلفة بالنظر فى انتهاكات الحكومات الأمريكية المختلفة للقيم والمبادئ الأمريكية ضد الدول المستضعفة في العالم ومن ضمنها السودان

كما نرجوا من الحكومة السودانية لمواجهة هذه العقوبات اتخاذ بعض الترتيبات منها

١/تنويع الشركاء التجاريين: الابتعاد عن الاعتماد الكبير على دول معينة وتوسيع العلاقات الاقتصادية مع دول أخرى في أفريقيا، آسيا، وأمريكا اللاتينية. هذا يتطلب جهودًا دبلوماسية كبيرة لتحقيق شراكات جديدة فعالة.

٢/تعزيز الاقتصاد الوطني و التركيز على تنمية القطاعات الاقتصادية المحلية، مثل الزراعة، والصناعة، والتعدين، لزيادة القدرة الإنتاجية والحد من الاعتماد على الواردات. يحتاج هذا إلى إصلاحات هيكلية واسعة النطاق، وإدارة اقتصادية فعالة.

٣/ تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول الأفريقية الأخرى، من خلال التكامل الاقتصادي الإقليمي، وتسهيل التجارة والاستثمار. هذا يتطلب توافقاً وإرادة سياسية من الدول المشاركة.

٤/ الاستثمار في البنية التحتية: مثل الطرق، والسكك الحديدية، والموانئ، لجعل الاقتصاد أكثر جاذبية للاستثمار. هذا يتطلب استثمارات كبيرة وطويلة الأجل.

٥/ إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واسعة النطاق لتحسين صورة السودان في العالم، وإظهار التزام الحكومة بمبادئ الحكم الرئيسي وحقوق الإنسان. هذا من أهم الخطوات لكسب دعم المجتمع الدولي.

٦/ فتح حوار مع الولايات المتحدة لبحث إمكانية رفع العقوبات، وذلك بالتعاون مع الدول الأخرى الصديقة. هذا يتطلب مفاوضات دقيقة وخططًا مدروسة بعناية.

٧/التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب: إظهار التزام السودان بمكافحة الإرهاب، من خلال التعاون مع المنظمات الدولية المختصة. هذا قد يساعد في إزالة بعض المخاوف الأمريكية بشأن السودان.

٨/ استمرار النزاعات الداخلية يُزيد من صعوبة اجتذاب الاستثمارات الأجنبية، ويُعقد جهود الإصلاح.

٩/ يحتاج السودان إلى سياسة خارجية مدروسة بعناية، حتى يتمكن من تحقيق التوازن بين العلاقات مع الولايات المتحدة ودول أخرى.

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى