البحر الأحمر على صفيح ساخن: صراع الموانئ يهدد السودان واليمن ويعيد شبح الحرب الإقليمية
متابعات-مرآة السودان البحر الأحمر على صفيح ساخن: صراع الموانئ يهدد السودان واليمن ويعيد شبح الحرب الإقليمية

البحر الأحمر على صفيح ساخن: صراع الموانئ يهدد السودان واليمن ويعيد شبح الحرب الإقليمية
أعادت تحليلات سياسية وأكاديمية متطابقة تسليط الضوء على البحر الأحمر باعتباره إحدى أكثر ساحات الصراع الإقليمي توتراً، في ظل تصاعد الخلافات بين إثيوبيا وإريتريا، وتداخل الأزمات في السودان واليمن. ويحذر خبراء من أن أي تصعيد عسكري محتمل قد يدفع المنطقة بأكملها نحو مواجهة واسعة، يكون السودان فيها الطرف الأكثر هشاشة وتأثراً.
وتشير تقارير متخصصة إلى أن مدينة عَصَب الإريترية تحولت خلال السنوات الماضية إلى قاعدة عسكرية ولوجستية محورية، خصوصاً خلال الحرب في اليمن، ما زاد من حساسيتها الاستراتيجية. ويتزامن ذلك مع خطاب إثيوبي متصاعد يعتبر الوصول إلى البحر الأحمر “مسألة وجودية”، في ظل اعتماد أديس أبابا شبه الكامل على موانئ خارج حدودها بعد فقدانها ميناء عصب عقب استقلال إريتريا عام 1993.
توتر متجدد في القرن الأفريقي
تشهد العلاقات الإثيوبية–الإريترية حالة من الشد والجذب، تعيد إلى الأذهان تاريخاً طويلاً من الصراعات والحروب، رغم فترات الهدوء النسبي. ويأتي هذا التوتر في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، حيث تتقاطع أزمات السودان الداخلية، واضطرابات البحر الأحمر، وتداعيات الحرب اليمنية، ما يجعل أي شرارة جديدة مرشحة للتمدد خارج حدودها الجغرافية.
صراع الجغرافيا والموانئ
يُعد ميناء عصب من أبرز نقاط الخلاف، ليس فقط لقربه الجغرافي من إثيوبيا، بل أيضاً لدوره العسكري السابق في النزاعات الإقليمية. ويرى محللون أن فقدان إثيوبيا لمنفذ بحري مباشر شكّل أحد أعقد التحديات الاستراتيجية لها، ودفعها إلى البحث عن بدائل أو ممارسة ضغوط سياسية متزايدة على جيرانها.
جذور تاريخية وتحالفات متشابكة
يؤكد محللون سياسيون أن جذور الأزمة تعود إلى ما قبل استقلال إريتريا، وأن فشل البلدين في بناء علاقة مستقرة بعد الاستقلال أسهم في إعادة إنتاج الصراع. كما لعبت التوازنات الإقليمية، بما فيها الخلافات حول مياه النيل والتحالفات المتغيرة في القرن الأفريقي، دوراً في تعقيد المشهد، وفتح الباب أمام اصطفافات جديدة تضم قوى إقليمية مؤثرة.
السودان… الحلقة الأضعف
يحذر خبراء من أن السودان سيكون الخاسر الأكبر في حال انفجار مواجهة جديدة في الإقليم، نظراً لانهياره الأمني، وانتشار المليشيات العابرة للحدود، وتدهور الأوضاع الإنسانية. أي تصعيد قد يؤدي إلى تدفقات لجوء جديدة، وتوسع نشاط شبكات التهريب والجريمة المنظمة، إضافة إلى احتمال تمدد التوتر إلى مناطق حساسة مثل النيل الأزرق وشرق السودان.
آفاق الحل
رغم قتامة المشهد، يرى دبلوماسيون وأكاديميون أن فرص الحرب الشاملة ما تزال محدودة، في ظل عدم استعداد المجتمع الدولي لتحمل صراع جديد في منطقة حيوية للتجارة العالمية. ويؤكدون أن الحلول المستدامة تكمن في اتفاقيات إقليمية تضمن للدول الحبيسة، وعلى رأسها إثيوبيا، وصولاً آمناً وسلمياً إلى الموانئ، عبر أطر أفريقية يقودها الاتحاد الأفريقي وتعزز التعاون الاقتصادي والبنية التحتية المشتركة.
ويخلص مراقبون إلى أن استثمار حالة الهدوء النسبي الحالية، وإطلاق مبادرات تنموية عابرة للحدود، قد يكون السبيل الوحيد لتجنيب البحر الأحمر والقرن الأفريقي سيناريو حرب إقليمية جديدة، ستكون كلفتها الإنسانية والسياسية باهظة على الجميع، وخاصة السودان.











