على الكجم يكتب حماد السعيد من الإيجاد إلى الخلود قصة شيخ أضاء السودان علمًا وجهادًا

حماد السعيد من الإيجاد إلى الخلود: قصة شيخ أضاء السودان علمًا وجهادًا

متابعات-مرآة السودان

الإيجاد منحة إلهية، ولكن إلى متى يستمر هذا الإيجاد؟ ليس إلى الموت، فالموت ليس إلا محطة في طريق الخلود. “وكل نفس ذائقة الموت”، فالنفس لا تفنى، بل تتذوق الموت، وهناك فرق شاسع بين التذوق والفناء.

الخلود الحقيقي:

الإنسان خُلق ليبقى أبداً، إما في جنة عرضها السماوات والأرض، أو في نار لا ينفد عذابها. البقاء مستمر، لكن الوجهة تحدد المصير. وأكبر خسارة في هذه الدنيا الفانية هي خسارة الآخرة الباقية. إن الخاسرين حقًا هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.

العمل الصالح:

على الإنسان أن يسعى ويعمل وفق منهج الله القويم. كل مسعى له أثر بعد الموت له قيمة، وكل حركة تنتهي عند الموت لا وزن لها. فالعلم الحقيقي هو ما قادك إلى الإيمان، وإلا فهو مجرد ذكاء، والذكاء ينتهي بانتهاء الحياة.

العقل والإيمان:

قد تجد في الدنيا أذكياء أفذاذ، يحملون عقولاً تفهم دقائق الأمور، ويتخصصون في مجالات نادرة تجلب لهم ثروات طائلة. لكن إذا غاب عنهم سر وجودهم في الحياة، فقد فاتهم العقل الراجح. أرجحكم عقلاً أشدكم لله حبًا. فالعلم هو ما هداك إلى الله، وما دفعك إلى التقرب إليه. إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معًا فعليك بالعلم. لكن اعلم أن العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك.

الشيخ حماد السعيد.. قامة في سماء الدعوة:

رحم الله الشيخ حماد السعيد، أحد أبرز الدعاة والأئمة الذين اعتلى منابر الدعوة بنجاح، وإمام من أئمة المساجد، ورسول دعوة ملأت الأرض علمًا ونورًا، وتعدى نفعه حدود السودان. كان أحد أقوى العناصر الإسلامية التي أسست جامعة أفريقيا العالمية وجمعية الإصلاح والمواساة، ورائدًا من رواد التعليم القرآني، بمدارس تاج الحافظين والرخاء والعداني وأم حبيبة وغيرها. كرس الشيخ حماد كل جهده ووقته للعمل الصالح والنافع.

جيل من المجاهدين:

هذا الشيخ الإسلامي الجليل تربى على يده جيل من الشباب والطلاب الإسلاميين المجاهدين في تسعينات القرن الماضي، على سبيل المثال لا الحصر: الشهيد أحمد (كالوت)، والشهيد طارق عثمان محجوب (الصول)، والشهيد أحمد دهب، والشهيد الخير أحمد، والشهيد الوسيلة الضو، والشهيد إبراهيم ثمار، والشهيد أمير محمد الحسن، وبقية العقد النضيض، الذين اصطفوا وتحلقوا في مسجده الذي أسس بنيانه على التقوى في الحارة الثامنة بأمبدة شارع المحافظ. هؤلاء الشباب انبروا في وجه العدو الباغي، وحملوا أرواحهم على أكفهم، وحموا بجماجمهم دين الإسلام.

الجهاد بالمال.. فضيلة عظيمة:

ولأهمية الجهاد في سبيل الله، قدم الله سبحانه الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في تسع مواضع في القرآن الكريم. وما ضر الشيخ حماد ما فعل بعد اليوم، حينما جاهد بماله في حرب الكرامة (2023)، وفتح قلبه لقوات العمل الخاص بأمبدة قبل أن يفتح داره ومدرسته التي أوقفها سنتين في سبيل نصرة الدين. وكانت المدرسة نقطة تحول فارقة في انطلاقة العمل العدائي وتحرير منطقة أمبدة.

إرث باق:

شيخ حماد، العهد الباقي، الذي كان يلتقي فيه أهل الإخوانيات على طالب الله وحلقات ومدارس ودواوين، إمام على الشيخ، وعلوم إمام رحمة الله، وكتابات خالد العوض الشيخ. رحل الشيخ حماد، الرجل الذي كان يحجز عنده كل عام حسن الشقيق ومصطفى الطيب وكلارا معاوية وآخرين يومًا في رمضان للمجايلة وربط الحاضر بالماضي، وتقوية العلاقة وتعزيز الوشائج وإظهار الإخاء ومد جسور التواصل وإحياء سنن الكون المجتمعية.

رحم الله شيخنا حماد، وأنزل عليه شآبيب الرحمة، وجعل مرتقاه في عليين.