مقالات

بين عسكرة المجتمع والانقسام الهوياتي.. السودان يقترب من أخطر منعطف في تاريخه

متابعات-مرآة السودان-بين عسكرة المجتمع والانقسام الهوياتي.. السودان يقترب من أخطر منعطف في تاريخه

بين عسكرة المجتمع والانقسام الهوياتي.. السودان يقترب من أخطر منعطف في تاريخه

متابعات -مرآة السودان

بينما تدخل الحرب السودانية عامها الثالث، يزداد المشهد قتامة مع غياب أي مؤشرات على انفراج سياسي أو ميداني، وسط انهيار مؤسسات الدولة وتصاعد النزاعات العرقية والقبلية إلى مستويات وصفتها واشنطن بأنها ترقى إلى “الإبادة الجماعية”. فالعنف القائم على الهوية، وخطاب الكراهية، وجرائم الحرب باتت تهدد بقاء السودان كدولة موحدة، وتفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر خطورة تشمل الإرهاب والتقسيم والانهيار الكامل.

وفي هذا السياق، حذّر اللواء شرطة (م) د. عصام عباس، مستشار تكنولوجيا المعلومات وتحليل البيانات، في مقابلة مطوّلة مع راديو دبنقا ضمن برنامج بصراحة، من أن السودان يقترب بخطى متسارعة من التحول إلى بؤرة إقليمية للإرهاب والتطرف العنيف، ما لم تتوقف الحرب فوراً وتُتخذ إجراءات جذرية لإعادة بناء الدولة على أسس جديدة. وأكد أن استمرار النزاع سيخلّف تداعيات كارثية محلياً ودولياً.

استحالة الحسم العسكري

أوضح عباس أن مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب أثبت أن الحسم العسكري مستحيل، مشيراً إلى أن السيطرة الميدانية ما زالت متقلبة بين الجيش وقوات الدعم السريع، مع توسع العمليات في الخرطوم والجزيرة ودارفور وكردفان. ولفت إلى أن الحرب بالطائرات المسيّرة مثلت تحولاً نوعياً لكنها ألحقت أضراراً مباشرة بالمدنيين والبنية التحتية.

انهيار مؤسسات الدولة

وأشار إلى أن الحرب أدت إلى تآكل سلطة الدولة وانقسام البلاد إلى مناطق نفوذ، حيث يدير الجيش بعضها وتخضع أخرى لسيطرة الدعم السريع، بينما غابت الأجهزة الأمنية والشرطية، ما سمح بظهور مليشيات قبلية ومحلية تفرض سيطرتها على الأرض.

تصاعد العنف الهوياتي

اعتبر عباس أن أخطر ما يواجه السودان هو تمدد العنف القائم على الهوية والعرق والقبيلة، خاصة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، حيث تحولت النزاعات التاريخية إلى مجازر إثنية ودينية، ما يهدد بانزلاق البلاد إلى حرب أهلية طويلة الأمد.

بيئة خصبة للإرهاب

حذّر اللواء عباس من أن الفراغ الأمني وضعف مؤسسات الدولة وانتشار السلاح بشكل غير مسبوق، جعل السودان بيئة مثالية لنشاط جماعات مثل القاعدة وداعش، خاصة مع حدوده المفتوحة مع سبع دول مضطربة أمنياً. وأضاف أن عسكرة المجتمع وتدفق الأسلحة النوعية إلى أيدي المدنيين، بمن فيهم الشباب والأطفال، يشكّل خطراً وجودياً على مستقبل البلاد.

جذور الأزمة

ربط عباس الأزمة الحالية بإرث حكم الإسلاميين منذ انقلاب 1989، مؤكداً أن دخول هذه الجماعات بثقلها في الحرب الحالية، وعلاقاتها بتنظيمات متطرفة، يرفع احتمالية تحول السودان إلى مركز للإرهاب العابر للحدود. كما استعرض سلسلة من الحوادث الإرهابية السابقة التي شهدتها البلاد، ما يبرهن على عمق ارتباط السودان بالتطرف العنيف.

طريق السلام

رغم قتامة المشهد، شدد عباس على أن وقف الحرب يتطلب الاعتراف بجذورها العميقة المرتبطة بقضايا التنمية والهوية والسلطة، لا بمجرد من يحكم البلاد. ودعا إلى بناء جبهة مدنية عريضة تتبنى سردية السلام وتواجه مشاريع الحرب، مشيداً بمبادرات محلية وإقليمية أبرزها مبادرة فرانسيس دينق وبيان الآلية الرباعية.

وأكد أن وقف إطلاق النار يجب أن يكون البداية لعملية شاملة تشمل العدالة الانتقالية، إعادة الإعمار، معالجة المظالم التاريخية، وبناء دولة مدنية حديثة. وختم بالتحذير من أن استمرار النزاع سيقود السودان حتماً إلى التحول إلى مركز خطير للإرهاب، بما يشكّل تهديداً للأمن الإقليمي والدولي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى