البرهان يغلق الباب أمام الدعم السريع: لا مستقبل سياسي للمليشيا
متابعات-مرآة السودان-البرهان يغلق الباب أمام الدعم السريع: لا مستقبل سياسي للمليشيا

البرهان يغلق الباب أمام الدعم السريع: لا مستقبل سياسي للمليشيا
مقالات – مرآة السودان – تقارير خاصة
في تطور لافت بالاتصالات الدولية حول الأزمة السودانية، كشفت مصادر متطابقة عن لقاء غير معلن في جنيف، جمع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان مع مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا.
ورغم غياب تصريحات رسمية من الجانبين، أكدت تسريبات أن اللقاء بحث مقترحًا أميركيًا لوقف الحرب، يبدأ بوقف شامل لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية، خاصة نحو مدينة الفاشر المحاصرة منذ أكثر من عام، على أن تعقب ذلك عملية تسوية سياسية تعيد المسار المدني للانتقال الديمقراطي.
موقف حاسم من البرهان: لا تفاوض سياسي مع الدعم السريع
وفقًا لمصادر مطلعة، شدد البرهان على رفض أي دور سياسي لمليشيا الدعم السريع، معتبرًا أنها “قوات متمردة” لا يُبحث معها إلا قضايا الدمج والتسريح والمحاسبة على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين. وهو ذات الموقف الذي دأبت القيادة العسكرية على إعلانه منذ توقيع “إعلان جدة” في مايو 2023.
بهذا الموقف، يكون البرهان قد أغلق الباب أمام أي شرعنة مستقبلية للمليشيا، مجددًا التأكيد على تمسك الجيش بتوصيفها كقوة متمردة ارتكبت انتهاكات جسيمة بحق الشعب السوداني.
دعم إقليمي ودولي لموقف الحكومة السودانية
اللقاء جاء بعد تأجيل اجتماع الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، السعودية، مصر، الإمارات) في واشنطن، وسط تباينات أميركية حول آلية الحل. ففيما اقترح وزير الخارجية ماركو روبيو توسيع المشاركة لتشمل الاتحاد الأوروبي وقطر، طرح بولس رؤية تقصر الملف على الرباعية.
في الأثناء، برزت مواقف إقليمية ودولية داعمة للحكومة السودانية، أبرزها:
- الاتحاد الأفريقي الذي رحب بتعيين د. كامل إدريس رئيسًا للوزراء واعتبره تقدمًا نحو استعادة الحكم الدستوري.
- مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي أدان محاولات الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية.
- السعودية ومصر اللتان شددتا على أن أي حكومة خارج المؤسسات الرسمية تهدد وحدة السودان.
- مجلس الأمن الدولي الذي أصدر بيانًا (12 أغسطس) يرفض أي سلطة موازية في مناطق يسيطر عليها الدعم السريع.
انتكاسة ميدانية جديدة للدعم السريع في الفاشر
على الأرض، فشلت المليشيا مجددًا في السيطرة على مدينة الفاشر، بعدما شنّت هجومها رقم (227) بأكثر من 540 عربة قتالية، غير أن القوات المسلحة والمقاومة الشعبية صدّت الهجوم. ويُضاف هذا الفشل إلى سلسلة إخفاقات منعت الدعم السريع من تحقيق هدفه المعلن بإقامة حكومة أمر واقع في دارفور انطلاقًا من الفاشر.
شكوك حول جدوى وقف إطلاق النار
رغم الزخم الدبلوماسي، ما تزال الشكوك قائمة بشأن التزام الدعم السريع بأي وقف لإطلاق النار، إذ اعتادت استغلال الهدن السابقة لإعادة تنظيم صفوفها والحصول على إمدادات عسكرية، وفق اتهامات حكومية بوجود دعم إقليمي مستمر لها بالسلاح والمقاتلين.
من جانب آخر، تؤكد القيادة العسكرية أن وجود المليشيا في مناطق تسيطر عليها حاليًا، مثل أجزاء من كردفان ودارفور، يعد بمثابة “شرعنة للأمر الواقع”، بكل ما يحمله من مخاطر ديموغرافية وأمنية، كالتغيير السكاني والتهجير القسري.
رسالة البرهان: لا تسويات على حساب السيادة
في لقائه مع بولس، أوضح البرهان أن أي تسوية مستقبلية يجب أن تحترم سيادة السودان ووحدة مؤسساته، ولا يمكن فرض حلول خارج إطار الحكومة الشرعية. وأشار إلى أن الانتصارات العسكرية الأخيرة تبعتها خطوات سياسية واضحة، منها:
- تشكيل حكومة مدنية برئاسة د. كامل إدريس.
- إطلاق برامج لعودة النازحين واللاجئين.
- الشروع في مشاريع إعادة الإعمار بالمناطق المحررة.
ختام وتحليل
تشير كل المؤشرات الراهنة – من التحركات الدبلوماسية إلى مواقف الفاعلين الدوليين – إلى أن مشروع الدعم السريع السياسي وصل إلى طريق مسدود. فبينما تُطرح مبادرات لوقف الحرب، يبقى موقف الحكومة السودانية ثابتًا: لا تفاوض سياسي مع المليشيا، ولا تسوية إلا عبر مؤسسات الدولة.
أما اللقاء الأميركي المباشر مع البرهان، فيعكس إدراك واشنطن لجدية الموقف السوداني، وسعيها لإعادة صياغة مبادرة سياسية تراعي أمن السودان واستقراره دون المساس بسيادته أو تمكين أي قوة مسلحة خارج القانون.
بقلم: د. ياسر يوسف إبراهيم
كاتب وباحث في العلاقات الدولية