مقالات

وزير سوداني مقال يفجر مفاجآت: الفساد سبب إقالتي.. والحركة الإسلامية ‘ماتت'”** 

متابعات -مرآة السودان

**”وزير سوداني مقال يفجر مفاجآت: الفساد سبب إقالتي.. والحركة الإسلامية ‘ماتت'”**

متابعات- مرآة السودان

يمثل الوزير الشاب أمين بناني نيو ـ وزير الدولة بوزارة العدل السابق ـ الذي أقيل في ظروف غامضة أحد أبرز الوجوه التي ثار حولها جدل واسع منذ 1993 عندما نشر تقريره الخطير حول التجاوزات والفساد الحكومي في البرلمان، مما أدخله في أول عراك سياسي مع الزعيم المتنفذ آنذاك د. حسن الترابي، وأصبح بناني بعد ذلك أكثر القيادات حماساً لمساندة خط الرئيس عمر البشير في صراعه المكشوف مع الدكتور الترابي الذي انتهى باقصاء الأخير من السلطة بل واعتقاله في مرحلة لاحقة. ومع ذلك فقد خرج بناني من التشكيلة الوزارية الأخيرة أو بالأحرى قبل إعلانها بشكل درامي صاحبته ضجة واسعة فضل بعدها الانزواء، «البيان» التقته في هذا الحوار وعملت على اخراجه من صمته ليعلن انه لا يزال عند انتمائه لحزب المؤتمر الوطني «الحاكم» وليؤكد ان الحركة الإسلامية لم تعد بعد تجربة العشر سنوات هي الوسيلة المناسبة لانجاز المشروع السياسي الاسلامي في السودان «خاصة وان الازدواجية التي كان يتعامل بها الترابي عادت من جديد على أيدي من أقصوه»، وأن حزب المؤتمر الوطني بات تنظيماً بلا هوية ولا يستطيع المنافسة في أي انتخابات مقبلة.وقال بناني في سياق الحوار ان الحركة الإسلامية كتنظيم بات لا وجود لها والأفضل البحث عن صيغة جديدة لأن الحركة هي الترابي وقد كان من أعظم أخطاء الترابي انه لم يعد خليفة له .. وإلى تفاصيل الحوار: لهذا أقالوني ـ بوصفك قياديا في حزب المؤتمر الوطني الحاكم ووزيراً سابقاً صاحب خروجك من الحكومة قبيل إعلان التشكيل الوزاري الأخير ضجة كبيرة لكنك بعدها لزمت الصمت أين تقف الآن؟ ـ أشكركم أولاً وأقول انني بحكم ايماني المبدئي بكل الأطروحات التي بشرت بها (الحكومة الإسلامية في 1989) أجد نفسي ما ال غير بعيد منها كما ان انتمائي لحزب الموتمر الوطني لا زال قائماً. والضجة التي صاحبت خروجي كانت أسبابها تكمن في الصورة أو الشكل الذي تمت به الإقالة واتخذ بها القرار والحيثيات التي صاحبته، والتصريحات التي أدلى بها النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه وجعلها كمبرر للإقالة وقبلها، فقد كانت التصريحات أو التوضيحات التي أدليت بها لصحيفة «الصحافي» كنت قد وجهت فيها انتقاداً واضحاً وصريحاً لأداء حزب المؤتمر الوطني ولعل مبعث اهتمام الرأي العام بموضوع الإقالة نابع من متابعته لي خلال سنوات طويلة وأنا أتتبع قضايا الفساد على مستوى الدولة والمجتمع والنقد الكبير الذي وجهته لخصخصة مؤسسات القطاع العام بالاضافة لاهتمامي بقضايا اقتسام السلطة والثروة وما يثيره ذلك من حساسيات لدى بعض أجهزة الحكم، والتي تنظر إلى اهتمامي وزملائي بهذه القضية بحسبان ان هنالك صراعاً أو عملاً جهوياً يتم من وراء الشعارات التي نتحدث عنها. ـ لكن عندما صدر قرار اعفائك قال نائب الرئيس ان إقالتك تمت لأنك تحاول فرض أجندة شخصية لا تراعي المصلحة العامة؟ ـ هذا تصريح غير واقعي وغامض في الوقت نفسه، وأنا شخصياً لا أعرف حتى الآن ما المراد بالأجندة الشخصية التي كنت أتعامل بها وأحاول إقحامها في مداولات أجهزة الحزب ولكني على كل حال أحمل أجندة وطنية وصريحة والفرق بين أجندتي وأجندة الآخرين هو أن أجندتي ظاهرة وليست خفية. حاولت محاربة الفساد ـ هل تعني ان الإقالة كانت أصلاً متفق عليها ويجري البحث آنذاك لمبررات لها؟ ـ نعم بعض المسئولين في الدولة يتضايقون كثيراً من إثارتي لقضايا الفساد ومحاولاتي لايجاد معالجات مباشرة بالنسبة لها، وربما يكون إصراري على محاكمة ومتابعة التجاوزات في طريق الإنقاذ الغربي التي ما زالت معلقة، وتحاول الحكومة حالياً للتوصل فيها لتسوية مع بعض الأطراف كان أحد أسباب المضايقة، لكن اصراري ألا نعود إلى الممارسات التي سبقت مرحلة ما قبل 4 رمضان 1999 (تاريخ اعفاء الدكتور الترابي وبرلمانه) كان هو مصدر الخلاف الأساسي بيني وبين النائب الأول للرئيس خاصة وان ازدواجية القيادة وازدواجية القرار قد عادت من جديد، وخير مثال على ذلك التعليقات التي صدرت بعد إقالتي لأن الذي يحاسبني هو الحزب وليس الحكومة إذا كانت تصريحاتي قد تجاوزت الحد المسموح به، وهذا كان أحد بواعث الدهشة حتى في دوائر الحزب الحاكم نفسه. وفي تقديري أن الذي يدير الحكومة والحزب مجموعة صغيرة أطلق عليها دائماً المجموعة الحكومية الصغيرة ذات العقلية الأمنية، هذه المجموعة لا تحتمل سياسيين يمكن أن يدلوا برأيهم بحرية أو يدفعوا القضايا العامة للأمام كقضية الوفاق والديمقراطية والحرية ومحاربة الفساد والوصول الى سلام، مثل هذه القضايا تتعارض تماماً وطبيعة العقلية التي تعالج مشكلة الحكم في السودان. ـ طريقة المعالجة لموضوع الفساد في طريق الإنقاذ الغربي غير محددة وقد تحدث وزير العدل الحالي علي محمد عثمان ياسين عن التوصل لاتفاق باجراء تسوية مع المتهم الأول فيها؟ ـ هذا الكلام يقال منذ سنوات ويقال بهذه الصورة ويزيد الأمور تعقيداً وغموضاً وإذا أرادوا تسوية فالأفضل التوصل اليها وإعلانها وإذا لم تكن هناك تسوية فيجب أخذ الأمر للقضاء لكن مسألة (اللف والدوران) هذه ما عادت تقنع أحداً، أموال طريق الانقاذ الغربي تحتاج الى تسوية (سياسية) لأنها في الواقع صارت سراً كبيراً والسر الوحيد الذي حافظ عليه الطرفان (القصر والمنشية) (جماعة البشير وجماعة الترابي) ولم يعلنوه للشعب هو اموال طريق الانقاذ الغربي وعلى اي حال هناك امر غير مفهوم وهذه المسألة نسأل الله ان تكشف عنها الأيام. الحكومة غير جادة ـ الوفاق كما تعلم اصبح قضية فيها العديد من المساومات والحكومة تتهم المعارضة بالمراوغة والمعارضة تقول ان الحكومة غير جادة كيف تنظر للأمر برمته؟ انا اعتقد ان الحكومة غير جادة في الوصول لوفاق وطنسي يبسط الحريات ويحقق مشاركة لكل القوى السياسية. هنالك مجموعة متحكمة في القرار السياسي والنظام لا تريد ان يصل الوفاق الى نتائج. وهذا بالطبع لا يعفي اطراف اخرى فالمعارضة هي اساساً اتخذت من الحرب ومن العمل السياسي المعارض مجالاً للسمسرة والمتاجرة بقضايا الوطن، وفي الساحة الان شعب يريد حرية ووحدة واستقرار وهناك قوة سياسية فاعلة وكبيرة مثل حزب الامة عادت الى الساحة وهي جادة في الوصول الى هذه الغايات. وهناك قوى سياسية واجتماعية اخرى في الساحة، غير معارضة ان لم تكن مؤيدة للحكومة 100% يمكن اشراكها. لكن وجود مجموعة متنفذة، في النظام ترفض المشاركة وغير راغبة في الوفاق مع وجود عناصر في المعارضة لا تريد ايضا أي وفاق، هو الذي عطل الوصول لسلام واستقرار للحكم وحلول لمشاكل الوطن الكبيرة. ـ كنت احد الوزراء الذين اشادت بهم قيادة حزب الامة المعارض بقيادة الصادق المهدي بعد العودة مباشرة وكما تعلم فإن حزب الامة اتفق ولم يتفق مع الحكومة ما هي العقبات التي يصطدم بها الحوار ومن المسئول؟ ـ انا لا ادري ان اشاد بي حزب الامة ام لا ولكني اعتقد ان عدم مشاركة حزب الامة في السلطة كان نتيجة لاسباب وعقبات عبر عنها الحزب. ولكن في رأيي ان المشاركة في السلطة قبل حسم القضايا الخلافية الكبيرة والاتفاق على تقنينها في دستور لا يجدي. ولابد من الاتفاق على برنامج وطني يتضمن اصلاحات كبيرة في نظام الحكم وهو برنامج لابد ان يقوم على الثوابت الاساسية وهي هوية الامة والسلام القائم على الوحدة الوطنية والنظام الاتحادي وهذه هي الثوابت الاساسية والتي يمكن الاتفاق عليها ثم تفصيلها في برنامج تقوم عليه حكومة لتنفيذه. ـ مع ذلك من يتحمل ابطاء الحوار الذي بشر في بدايته بالرغبة في التوصل لاتفاق ينهي عزلة حزب الامة من السلطة؟ ـ كما قلت فإن الاطراف غير الجادة داخل الحكومة هي السبب في تعطيل اي محاولة للوصول لاتفاقات كثيرة وهذه القوى، تتبلور عدم جديتها ليس فقط في الوصول لاتفاق ولكن ليست جادة حتى في اجراء انتخابات حرة ونزيهة، بل ليست جادة حتى في بناء حزب سياسي فاعل. النفط والصراع ـ ما رأيك في المقولة التي تؤكد دائماً ان اكتشاف البترول وتصديره لصالح الحكومة ادخل عاملاً جديداً في ميزان القوى بينها والمعارضة وهذا بدوره يعطيها حقاً اضافياً في عدم تقديم تنازلات لصالح المعارضة؟ ـ هذا صحيح الى حد كبير والحكومة الان تراهن على البترول وعلى الزمن ولكن طبعاً معظم البلدان التي تشهد ازمات سياسية كبيرة وحدثت فيها ثورات سياسية كبيرة في الثلث الاخير من هذا القرن هي الغالب بلدان بترولية. القضية هي الكيفية التي يتعامل بها جهاز الحكم مع قضايا البلد المعني وما دام هناك ازمة عدالة اجتماعية ولايزال الفقر والجهل والجوع والمرض موجوداً، ومادامت هناك قوى اجتماعية وسياسية ذات ثقل لا تجد الفرصة في المشاركة والتعبير عن نفسها في الساحة السياسية، فان البترول لن يسد هذه الازمة. واعتقد جازماً ان البترول كلما ظهر في بقعة او منطقة يصبح هو ذاته عاملاً من عوامل الصراع. ـ هل تعتقد ان الرهان على حل مشكلة الجنوب كما يرى العديد من قادة الحكومة رهين بحل المشاكل التي يعاني منها السودان دون ان يتأثر ذلك بتجاهل الحوار مع المعارضة الشمالية؟ ـ اذاً لم يتوحد الشمال على رؤية حول القضايا الكبيرة فان الحوار مع الجنوب لن يجد كثيراً وبالعكس فان حركات التمرد في الجنوب وهي بالطبع ليست حركة واحدة لن تتوصل الى اتفاق مقنع مع الحكومة الحالية، مالم تكن بقية اطراف القوى السياسية جزء منه. ولعل الملاحظ ان قرنق يحافظ دائماً على علاقات مع القوى السياسية ذات الوزن في الشمال، حتى وان كان لزم الامر الى توقيع اتفاق مع كل مجموعة على حدة كما هو واضح في حفاظه على عضوية التجمع وتوقيعه لاتفاق مع المؤتمر الشعبي بقيادة الدكتور الترابي كنوع من التفاهم الاستراتيجي. وطبعاً هناك تفاهم متفق عليه بين قرنق والمجموعات اليسارية وبالتالي فان اي طمع من قبل الحكومة في الوصول لاتفاق منفرد مع حركة التمرد بقيادة قرنق او الاستفراد بها يصبح امراً غير وارد وقبل ذلك غير وارد ان نحسم قضايانا المصيرية بقوة السلاح. ـ رغم العداء الامريكي للسودان الا ان الحكومة ابدت قبولاً غير معلن بالورقة الامريكية؟ ـ الحوار مع امريكا ظل مستمراً ولم يتوقف في اي يوم من الايام، لكن امريكا ترى انها ليس لها مصلحة في سودان قوى وموحد ومستقر ولذلك فان الحوار يبدأ ثم ينتهي واصبح الان حوار الطرشان. الحركة الاسلامية انتهت ـ الحركة الاسلامية بعد الانشقاقات الاخيرة ظهرت داخلها اصوات تتنادى بتجاوز البشير والترابي، والدعوة الى قيام التيار الثالث، بوصفك عضو فيها اين تكمن الازمة؟ ـ في الوقت الحاضر ارى ان اي حديث عن حركة اسلامية غير وارد. وفي تقديري ان الحركة الاسلامية في السودان كتجربة وكتنظيم انتهت الان ومن الافضل البحث عن حركة اسلامية بشكل اخر، وهو ان تجمع كل القوى ذات التوجه الاسلامي والقومي في خط واحد على اساس برنامج واحد ثم نتحرك بقضايا الاسلام في الساحة، هذه هي الحركة الاسلامية التي ادعو لها اما الحديث عن اعادة تركيب حركة تفككت ولم الشمل واجزاء في حركة تقطعت فهذا امر غير وارد. وارجو الا نتحدث عن الحركة الاسلامية بعد اليوم، فالحركة الاسلامية كتنظيم انتهت لكن روح الاسلام وفكر الاسلام وعمل الاسلام شيء موجود، ولن ينتهي في فطرة الشعب السوداني. ـ لكن قيادات كثيرة مع ذلك ترى ان تجارب الحركة الاسلامية عبر مسيرتها الطويلة منذ الخمسينيات كانت تلفظ قياداتها ويبقى الجسم متماسكاً؟ ـ الحركة الاسلامية الحديثة في السودان هي الترابي وهذه العناصر التي تحاول الان بناء الحركة الاسلامية تحت مسمى الكيان الخاص، لا تستطيع ان تقود والتجربة الان ماثلة امامنا اين الكيان الخاص؟ ما هو اثره في الدولة واثره في المجتمع هذه اسئلة مطروحة والاجابة متروكة للجميع، واعود للقول بأن الحركة الاسلامية كتنظيم انتهت تماماً ولا معنى لمحاولات اعادة لملمتها من جديد لكن الافضل البحث عن صيغة لتحريك المجتمع من جديد ليصبح كله حركة الاسلام وهذا يتطلب طرحا جديدا وبرنامجا جديدا وقيادة جديدة. ـ يشير الصادق المهدي رئيس حزب الامة بنهج الصحوة هل تعتقد ان طرح المهدي يمكن ان يقدم بديلاً اسلامياً لما فشلت في تحقيقه الحركة الاسلامية الحاكمة الآن؟ ـ فشل مشروع الحركة الاسلامية في الحكم يعطي لكل اطروحة اخرى الحق في ان يتم تقديمها كبديل واعتقد ان الصادق المهدي مهما اختلف الناس معه او اختلفوا، فانه يشكل اكبر رمز اسلامي شعبي في الساحة السودانية لكن يظل مشروعه الوطني الاسلامي محفوفاً بمخاطر كبيرة اذا هو طرح هذا المشروع من زاوية حزبية او تنظيمية ضيقة والطرح مكفول للجميع ومن حق الجماعات الاخرى ايضاً اخوان مسلمين، صوفية او انصار سنة ان تتقدم بمشروعاتها. والشعب سيختار ما يراه مناسباً. ـ قلت قبل خروجك من الحكومة بأن الفكر داخل الحزب خرج مع الترابي لماذا لم يعد الترابي البديل؟ ـ قلت كأن الفكر خرج مع الترابي وحقيقة فان المشكلة التي صعبت لم شمل الحركة هو ان الترابي لم يكن له خلفية اراد ذلك او لم يرد فقد اصبحت هي الان سلبية دفعت ثمنها وكان يتعمدها الدكتور الترابي من باب الاستفراد بالرأي وكان اقرب الناس الذين يعدهم لخلافته علي عثمان محمد طه وله الحق ان يتأمل الان هل فعل به خيراً ام لا. حوار ـ التجاني السيد:

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى