اخبار

قصة حقيقية يجب ان تروى حين يكون الاب صالحا

متابعات- مرآة السودان

قصه حقيقية
حين يكون الاب صالحا
———
الزمان : نهاية الثمانينيات
المكان قريه صغيره تقع جنوب غرب الجزيرة بطريق المناقل ربك تبعد عن المناقل 30 كيلو متر ،نشأ محمد في تلك القرية ، والده فقير جدا حاج ابراهيم ود الرزم يمتلك حواشة فقط ، لديه اخ اصغر منه واختين ، توفيت والدته وتركتهم صغارا ، لم يتزوج بعدها والده فتحمل محمد تربيه اخوانه الصغار لان والده ود الرزم مريض وجلس مبكرا ، كان الشاب التقي الوجيه محمد يقوم بمهام الام والاب في البيت ،مضافا اليها اعباء الزراعة في الحواشه لايكل ولايمل ، ويخدم اخوته دون من او رياء كان مميزا جدا في دراسته. وشاطر ودوما يحرز كامل المجموع نهايه العام يحبه الجميع ويحترمونه وياخذون مشورته اهل البلد وهو ملتزم المسجد باسما وهاشا باشا علي الدوام ، ومرت الايام ، احرز محمد مجموع عال جدا في المرحله المتوسطه رقم امكانيات مدرسته المتواضعه جدا ، فقد كانت مدرسة في قرية تبعد عن قريه محمد حوالي ستة كيلو مترات ، كان يذهب محمد يوميا مع اخوته بحمار واحد هو يكون راجلا واخوه واختيه علي ظهر الحمار ، هكذا ذهابا وايابا يوميا ، بعد ان يعد فطور المدرسة لهما في بسكله لاختيه، ومحمد واخوه في بسكله بها كسره وروب او طماطم وروب وبعد العودة يراجع لهم دروسهما وعند العصر يذهب الحواشة ، وهكذا كان الاب الروحي لاخوته كثيرا مايسافر الي المناقل لشراء الدواء لوالده بعد بيع شوال عيش او غنماية ، احرز محمد مجموع عال كما قلت سابقا وعليه الذهاب الي مدرسة حنتوب الثانويه كما تم توزيعه ، ولكن من يرعي والده واخوانه خاصه البنتين الصغار ، وكيف ستصير الامور اليوميه و المعيشيه والمصاريف عندما يترك الزراعة ويكون بعيدا عنها ، عل الاقل عندما كان في قريته كان يذهب للزراعة تقريبا يوميا بكل نشاط ، فمن يرعي اخوته الصغار من مأكل ومشرب ورفقه مأمونه للقريه المجاوره التي فيها المدرسة؟ لايوجد طلاب من قرية محمد يدرسون في المدرسه ، لان قريته صغيره وليس لديهم اهتمام كثير بالتعليم ، لذلك فكر جاهدا محمد بترك المدرسه وعدم الذهاب الي حنتوب الثانويه لاسباب مقنعة كان يحس ذلك في صبيحة يوم خريفي مشمس ناداه والده :
يامحمد بتخاف ؟
قال محمد : لا يا ابوي مابعرف الخوف .
قال والده : اظن ايامي قربت وما اوصيك علي اخوانك لكن عندك سفره لازم تمشيها ، ولما ترجع يمكن ما تلاقيني لان الاقدار ما معروفة ، ضروري تسافر
قال محمد : ان شاء الله ليك طولت العمر يا ابوي ابشر ابشر لو لعلاج والله اجيبه ليك من اخر الدنيا ، ابوه سكت : بارك الله فيك وياها المحريه فيك يامحمد بيع ليك شوالين عيش وتعال ، ذهب محمد لحاج التوم رجل ثري في القريه سلم عليه بحرارة و قال ليه: ابوي بايع ليهو شوالين عيش قلنا احسن ليك انت.
حاج التوم قال ليه: ياولدي انا مامحتاج لعيش لكن حرم وعلي الطلاق ده حق اربعه شوالات ماتقول شي ، ابوك ده كان زمان عندو فضل علينا. وهو العلمنا التجاره الا لما سرقو قروشو في الابيض خلي مرتو عروس هناك وترك الابيض وجاء اشتري الحواشة وقعد مارجع ليهم تاني ، وبعد سنين حتي عرس امك ، جابكم انتو ابوك لو ماسرقو دكانه وقروشو في الابيض كان يكون من اغني اهل السودان كان بزكي وبخاف الله إلا المرض ماخلاه ، ومشارك راجل في عربية لوري برضو خلاها مارجع لا للعربية اللوري ولا لمرتو ، أظن عملو ليه عمل و اظن في واحد كان داير يعرس المره العرسها ابوك ،
اها دحين قول ليه حاج التوم بيقول ليك دينك و حقك وفضلك علينا كتييير. وحلف طلاق وقول ليه المغرب جاييك زياره لاني طولت منه المرض مسكني منو ، رجع محمد مندهشا و مشدوها بكلام حاج التوم، اذ كان يفكر فيه طيلة المشوار وصل ثم اخبر والده بكل القصة بالتفصيل ، فضحك ابوه ، ثم قال يامحمد كلام حاج التوم ده هو زاتو كان بدايه الموضوع المرسلك ليه ، انت بقيت راجل دايرك تسافر الابيض من الصباح وتسال من ناس حاج صالح، كان رجل فاضل هو بكون توفي زمان ، اها انا ناسبتو و تزوجت بنته التايه ، كانت مره فالحه وصلايه وتقية ، لكن يا ولدي حصل القدر والمكتوبة ياها الجات بعد السرقه تعبت ومرضت شديد ، هم ماقصرو ، اها قلت أحسن أجي علي أهلي وياها القعدة سنين مارجعت ليهم ماعارف الحصل ليهم شنو بوراي ، دايرك تمشي الابيض وهم في منطقه جنوب الابيض اربعه ساعات زمان باللوري اسم القرية (….) تسأل من اولاد حاج صالح راجل كان ضو وفارس وكريم ، وشوف التايه بتو لاقيها وشوفها وأحكي ليها بمرضي كل السنين دي هم ماعارفين وين مكان قريتي دي في جنوب غرب الجزيره ولا اسم القرية، ولو عرفوها كان جوني ولحقوني ماقلت ليك ابوها كان ضو وقول ليها اعفي مني شديييد وشيل ليها خاتم الجنيه ده اصلو حقها لمن سرقوني ختتو لي في شنطتي كنت لاميهو السنين دي كلها ما اتصرفت فيه تزكار منهم وتعال راجع ان شاء الله تحضرني ، حاضر يابا هكذا قال محمد كان يسكنه الحزن ، قرر محمد السفر ، وخاف ان لايجد والده عندما يرجع ، بكي بكاء”مريرا وكثيرا ، كما بكاء مودع، تردد ، لكن تحت اصرار والده كان حتما عليه الذهاب ، حمل كيسا به جلابيتين وعراقيين ، وسافر الى مدينة ربك ونام بها. ومنها وصل الابيض ، وغابت شمس الابيض ، كان صغيرا وحيدا ، لم يجد مكانا فنام بجوار مسجد ، وعند الصباح سال عن لواري قرية (….) فوجد الاجابة ، ذهب فوجد لوري نيسان يمر بعدة قرى ومحطته الاخيرة ، ستكون هي القريه المقصوده ، هكذا قالوا له ، ركب اللوري النيسان وسار به في اتجاه الجنوب الغربي رحله شاقة وَشيقة ومتعبة ، الناس بعرفوا بعضهم البعض ، فلذلك كان معروفا محمد انه غريب ، ساله احدهم: انت من وين يا ولدي؟
رد محمد : انا من الجزيره منطقة غرب المناقل وماشي وين ؟
رد عليهم محمد :
ماشي قرية (…..) تبرع كم نفر باللوري بدفع ثمن تزكرة محمد ومنحوه من زوادتهم الكثير الكثير ، ماقلت ليكم الناس اهل طيبة وكرم ، واخيرا وصل اللوري للقرية المقصَودة ، ونزل محمد وترجل وكان يسال من ديار ناس حاج صالح ، قبل مايوصل بيوت ناس حاج صالح كان عزموه في كم بيت ، الاكل والشراب والقهوه ، وكل ما يتحرك لمكان كانوا يعزموه حتي وصلهم وقت المغرب ، اول مالفت انتباه محمد وقوف اللوري النيسان القبيل جاء فيه ، واوصله للقرية وجد محمد نفس اللوري واقف جوار البيت ، سلم محمد ، واول من استقبله الخير ،
الخير رجل شهم وكريم هو الذي كان يقود النيسان ، سلمو عليه واكرموه شديد شديد واعتبروه ضيف عابر سبيل فقط وليس قاصدهم
ونام معهم ، وفي الصباح ساله الخير : انت يا الوليد ما جيت معاي امس من الابيض ؟
رد محمد :
نعم جيت معاك.
قال الخير : انت يا الوليد صغير ماشي وين ، رد محمد : انا جيت قاصدكم انتم .
الخير اها حبابك حبابك.
محمد : الله يبارك فيك يالخير انا صاح صغير لكن الحياة علمتني ان اكون كبيرا ومسؤلا ، انا محمد من الجزيرة جاي عايز اقابل عمي حاج صالح ضروري وجاييهو بوصية من غرب المناقل .
رد الخير : جدي حاج صالح الله يرحمه توفي من كم سنة الا انا ود بنته واخوالي في الفريق القدام وهم اولاده، انا ساكن هنا مع امي التايه واخواني واولادي وزوجتي وعندي ولدين ، قام محمد قال للخير : الله يرحمه جدك حاج صالح خلاص عايز اقابل والدتك حاجة التايه بنت حاج صالح ضروري ضروري ، استغرب الخير لطلب الوليد الصغير ده واصراره ان يقابل امه ، ذهب الخير لحوش النسوان والدنيا صباح لسه يادوب شربو الشاي والزلابيه، لكن اصرار الصغير محمد ولمعرفة مايحمله من خبر ، جعل الخير يذهب وينادي على امه ،
استغربت التايه للطلب ، ولكن تحت الحاح ابنها الخير جعلها تسرع بالذهاب الى حوش الرجال لمقابلة الوليد الصغير كما قال لها ابنها الخير ، وصلت التايه حوش الرجال ، وكانت امرأة وسيمه جدا قسماتها جميلة حين النظر اليها تعلم انها كانت من اجمل نساء المنطقه في زمانها رقم تقدمها في العمر
ولكن كان يكسوها حزن عميق و دفين كانت تجتهد و تحاول ان تخفيه ، سلمت ببشاشة علي محمد ، وسالته من حاله واحواله ، ومن اين هو واين ذاهب؟ ، لم يجب محمد، بل اعطاها الخاتم وقال لها هذه وصية ابي وقد تركته بين الحياة و الموت واصر علي اصرار شديد ان اوصل لك تلك الامانة ، وجايز الان صاحب الامانة اخذ امانته ، بجوز يكون قد توفي الان فكان يريدك ان تعفي عنه لاسباب كتيييره ساحكيها لك.
اندهش الخير ! وصمت واجهشت حاجة التايه بالبكاء ، وبكت بكاء مريرا،
كانت تدعو لحاج الرزم بالشفاء وتبكي.
فجأة قالت حاجه التايه :
يالخير الفيك الخير جاك الخير قوم قوم سلم علي اخوك ود ابوك بالاحضان .
بكي الخير واولاده كانوا يبكوا معه وزوجة الخير واتلملمو الاهل وضبحوا الضابيح ، ماقلت ليكم الناس زمان طيبة وحنينة ، كانوا فرحانين باخو الخير الجاهم ،
ضبايح كانت تلاته يوم
ونادت حاجه التايه محمد حكت ليه كل القصه وقالت ليه : ابوك خلا الخير ده في بطني ، وانا تزوجت راجل مات ، اها يا محمد ياولدي. ابوك كان مشارك ليه رجل في لوري والرجل ده بيخاف الله اها بعد كم سنه جاء كايس ابوك من الرنك ، يفتش يفتش حتي وصلنا ، المهم حكينا ليه قصة ابوك قال ياجماعه اللوري ده حق ابوكم انا عايز اصفي زمتي انا عملت تاني لوري من الشغل ، بقي اللوري معانا لحدي ما كبر اخوك الخير بقي يسوقو الحمد لله حقكم ورجع ليكم ، وانا ياولدي يامحمد بعرف اسم ابوك للجد الرابع ، لكن السنين دي كلها ما عارفين وين منطقته؟ ولو عرفناها كان لحقناه وعالجناه من العمل القلت عملوهو ليهو ده.
عشان كدي الخير ده كلو بعد الله بسبب ابوك ، اها نحن نقوم نجهز حالنا ونسافر باللوري حقكم نشوف ابوك و اخوانك واهلك.
وفعلا ملو اللوري
بالخرفان كرامه والسمسم واي شي وكل شي وخيرات كتييره ماقلت ليكم الخير ده راجل غنيان وهسه كمان فرحان ومشتاق ، وعايز يشوف ابوهو لاول مره وما مصدق ، مامصدق كأنه حلمان المهم ، مشو كل الاهل ، كل الاهل وكان اللقاء ، وجدو الحاج ود الرزم لسه حي الحمد لله دي براها فرحة ، ودخلت عليه حاجة التايه ، صدق الحاج ود الرزم عرفها من صوتها ، وبكي شديد وبكى الرجال ماساهل والخير بيشبه محمد اخوهو شبه شديد تخالهم تيمان اها الخير طبعا عندو بندق خرطوش ضرب تشريف ميه طلقه مش قلت ليكم فارس وكريم السلاح جاب ناس الحلال وانتشر الخبر
اتلملمت الحلال كلها لانهم جيران كلهم واهل ، ماقلت ليكم الناس كانت طيبه ، كل يوم بيضبحو خروفين
الخير ساق ابوهو الاردن
وعالجو ، وعاش تاني كم سنه وعاشو كلهم مع بعض ونقل الخير تجارته لكوستي والمناقل ، وذهب محمد الي مدرسة حنتوب الثانوية ، وحضر حاج الرزم كمان تخرج محمد ابنه من كلية الطب جامعة الخرطوم مش قلت ليكم محمد كان شاطر.
————-
انها الدنيا
روى هذه القصة دكتور محمد ابراهيم ود حاج الرزم بفرنسا منطقة تور 2016

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى