مقالات

علي الكجم يكتب جنزير المدرعات مهند فارس الشهادة في زمن الكرامة

متابعات -مرآة السودان جنزير المدرعات مهند فارس الشهادة في زمن الكرامة

جنزير المدرعات مهند فارس الشهادة في زمن الكرامه

بمقاييس الرسم الرقمي، وعجلة الزمان، ودوران السنين، وتواريخ الشوق، يطل علينا اسم مهند، رمزًا من رموز الإسلاميين الذين سطروا تاريخًا ناصعًا بالبياض. تاريخ من تراتبية الجهاد وموروثات النضال،

يربط الحاضر بالماضي، ويستحضر أحداث الحرب الوجودية التي ألجأت الكثير من الإسلاميين ومن اصطف خلفهم. أولئك الذين حلقوا فوق سماء الأمكنة، واندفعوا بصدق نحو ساحات الوغى، كوكبة من

المجاهدين الصادقين، من جيل الوعي الذي لا يؤمن بسدانة (اللساتك) ومخروشات (باشدار). جيل الإسلام أقوى من أن يكون عجينة رخوة في أيدي الغزاة الطامعين، بل كان سامقًا، ضارب الجذور، امتدت سلالته من مشاعل حملة نور الحق وروائع الشهيد علي وزمرة العابرين، ووضاءة الفجر وقسمات البرق، وصملة شهيدنا معاوية (سكران الجنة)، وكأس ابنة الدهقان حينما يحتسي أمين، ويرشف ويروي الأرض المشاش.

حرب الكرامة أفرزت واقعًا جديدًا، وأرست للإسلاميين أدبًا جديدًا في إدارة المعارك، تلك الكرامة التي فقدوا فيها فلذات الأكباد، الذين قدموهم قرابين وفداءً لهذا الدين المجيد. طاعة لله تعالى عززت المواقف وغيرت شكل المعركة، ورجحت كفة الموازين رغم شيطنة (الصفقنجية) وكيل المتاريس وسيل السباب وأصوات البوق العدواني.

شباب كانوا ولا يزالون يتصدرون المشهد، ويتغلبون على الواقع، ويملأون فجاج الأرض، ويصطفون بحجم الفيالق، حملتهم الأشواق وساقتهم الخطى إلى حيث لا يخشون قترة دارفور، ولا غبرة كردفان، ولا كيعان الوادي، لا طينة الجزيرة، ولا برجوب النيل الأزرق، ولا سكة الموت المكشر.

توسطهم المدرع الشهيد المجاهد، جنزير المدرعات الثقيل الذي تصدى لأكبر قوة جيء بها من مغارب الأرض، وكان دومًا ثابتًا كالعهد، لم يتزحزح الجبل حتى وصل رقم الهجوم نحو الأربعة والثلاثين بعد المئة. إنه المجاهد الفارس الجسور المحبوب، الذي دخل قلوب العامة عبر نافذة المدرعات التي تكسرت عندها أسنة الرماح وعناصر الكفيل المعلوفة من فتات الشهوات واستبضاعات مال السحت.

الشهيد مهند كما ينبغي أن يكون، حملة مشعل نور الحق والصبح الضاحك المشرق، الذي لم يتلكأ ولم يتباطأ ولم يتوان في سبيل نصرة الحق والدين والعرض. حتى يعلم سابلة (المتقحقطون) والعلمانيون و(الديسمبريون) والحمادكة والفراجة منهم والراماديون وأصحاب الحياد والنفاق المطْبَق، أنه تعالى صدق حين قال: “ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون”. والصالحون ليسوا (الكيزان) فقط، ولكن كل من قام بما أمر الله به، واجتنب ما نهى عنه.

الشهيد مهند طلب الشهادة بحق وسعى لها طيلة مدة بقائه في قلعة المدرعات، ولما انجلى غمار الحرب في ولاية الخرطوم بحث عنها في أمكنة كردفان التي تعني عند أهلها أرض السمر والرجال.

لم يندهش أصحاب مهند باستشهاد مهند، ولكنهم اندهشوا بما فعل مهند بأعداء مهند عند اللقاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى