مقالات

عثمان ميرغني يكتب: إقالة محافظ بنك السودان.. حلقة جديدة في دراما الدولة

متابعات-مرآة السودان-عثمان ميرغني يكتب: إقالة محافظ بنك السودان.. حلقة جديدة في دراما الدولة

عثمان ميرغني يكتب: إقالة محافظ بنك السودان.. حلقة جديدة في دراما الدولة

متابعات-مرآة السودان

في مشهد أصبح مألوفًا ضمن الدراما السياسية السودانية، تتوالى قرارات الإقالة والتعيين بوتيرة تثير الدهشة أكثر مما تبعث على الأمل. فقبل أن يجف حبر قرار تعيين، يصدر آخر بالعزل، ليبقى المواطن السوداني في موقع المتفرج، يراقب ويعلّق ويشجع هذا الفريق أو ذاك، بينما تتكدّس الهموم الوطنية وتستمر الدولة في الانحدار من سفحٍ إلى أسفل منه.

قرار الأمس، الذي أشعل وسائل التواصل الاجتماعي، قضى بإقالة الدكتور برعي صديق من منصبه كمحافظ لبنك السودان المركزي، وتعيين السيدة آمنة ميرغني بديلة له. وكما جرت العادة، انقسمت الساحة إلى مؤيد ومعارض، وانشغل الناس بالسجال الذي لا يغير من واقع الأزمة شيئًا.

بنك السودان المركزي يُفترض أن يكون مؤسسة فنية مستقلة، تُعنى بإصدار وتنفيذ السياسات النقدية، وضبط معدلات التضخم، واستقرار سعر الصرف، وإدارة الاحتياطيات النقدية، والإشراف على الجهاز المصرفي وفق المعايير الدولية، خاصة تلك المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

لكن خلال فترات سابقة، ابتعد البنك عن مهامه الأساسية، وأصبح ساحة صراع بين مراكز النفوذ داخل الدولة، وتغوّل على صلاحيات البنوك التجارية بدلًا من أن يكون جهة تنظيم ورقابة. ومع استمرار التدخلات السياسية، فقد البنك استقلاليته وتحول إلى أداة لخدمة مصالح متصارعة.

ويبدو أن حلقة الإقالة الجديدة جاءت نتيجة خلاف حاد نشب في اجتماع وزاري ببورتسودان بين محافظ البنك المقال وممثلي شركات تصدير الذهب، الذين رفضوا قرارًا بحصر التصدير عبر البنك المركزي. ومع تصاعد التوتر وغضب الدكتور برعي ومغادرته الاجتماع، وقف وزير المالية جبريل إبراهيم إلى جانب الشركات، ما فاقم الخلاف ودفع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان لإصدار قرار الإعفاء وتعيين آمنة التوم خلفًا له.

مرة أخرى، تتبدل الوجوه وتبقى الأزمة واحدة: صراع مصالح يُدار فوق أنقاض مؤسسات الدولة، فيما يظل المواطن عالقًا بين الهم العام وضنك المعيشة، ينتظر إصلاحًا لا يأتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى