
بسم الله الرحمن الرحيم
صرخة طبيب كفء في وجه الإهمال: إلى متى يظل العَطَاء مُهدرًا في وطني
السيد رئيس مجلس السيادة المحترم،
السيد رئيس مجلس الوزراء المحترم،
السيد والي ولاية الجزيرة المحترم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
مقدمة وشكوى:
أنا المواطن الدكتور ياسر محمد علي شبارقة، استشاري أمراض وزراعة الكلى والموجات الصوتية وإدارة المستشفيات، أتقدم إليكم بشكواي هذه، راجيًا إنصافي ورفع الظلم الواقع عليّ.
مؤهلاتي العلمية والمهنية:
– الدكتوراه السريرية، البورد المصري في أمراض وزراعة الكلى (FEBNT)، القاهرة.
– الدكتوراه السريرية، زمالة البورد العربي في أمراض الباطنة.
– زمالة زراعة الأعضاء (زراعة الكلى)، FMESOT، جامعة المنصورة، مصر.
– الزمالة العالمية لأمراض الكلى في زراعة الكلى، FISN، من Royal Preston Hospital و Manchester Royal Infirmary، بريطانيا.
– زمالة الكلية الملكية، لندن، الجزء الأول (MRCP1).
– الدبلوم المهني للموجات الصوتية.
– الدبلوم المهني لإدارة المستشفيات.
– الوحيد في السودان الذي يحمل زمالتين في زراعة الكلى من بريطانيا ومصر.
– حاصل على ما يقارب المائة شهادة من مؤتمرات ودورات مختلفة من خارج السودان، بالإضافة إلى بعض الجوائز العالمية.
تجربتي وعودتي إلى السودان:
عملت لمدة عام في المملكة العربية السعودية براتب يقارب 20 ألف دولار شهريًا، مع تأمين صحي بقيمة 500 ألف ريال، وسكن فندقي وسيارة وسائق خاص. تركت كل ذلك وعدت إلى السودان، مدفوعًا برغبتي في خدمة وطني في مجال زراعة الكلى، وهو تخصص نادر ومعدوم في ولاية الجزيرة. كان هدفي إجراء عمليات زراعة الكلى للمرضى السودانيين المحتاجين، علمًا بأن تكلفة العملية الواحدة في الخارج تصل إلى 40 ألف دولار بالإضافة إلى تكاليف السفر والإقامة.
بداية الإحباط:
قمت بوضع بروتوكولات زراعة الكلى وتكوين فريق عمل، ونجحنا في زراعة عدد من الحالات في مستشفى الجزيرة لأمراض وجراحة الكلى بمدني. ولكن، في 15 مايو 2022، فوجئت بنقلي إلى مستشفى رفاعة، وهو مستشفى عام لا علاقة له بزراعة الكلى. قدمت شكوى للسيد الوالي حينها، إسماعيل عوض الله، الذي تفهم الأمر ووجه مدير عام وزارة الصحة بإعادتي إلى وظيفتي في مستشفى الكلى. إلا أنني فوجئت بنقلي إلى رئاسة وزارة الصحة دون أي مهام إدارية أو مهنية، رغم أنني الوحيد في الوزارة الذي يحمل دبلومًا مهنيًا في إدارة المستشفيات.
مرحلة الدفاع عن الوطن والعودة:
عند دخول مليشيا الدعم السريع إلى ود مدني، انضممت إلى المقاومة الشعبية في شرق سنار، ثم إلى الفرقة الثانية بالقضارف، مداويًا لجرحى القوات المسلحة وحاملًا السلاح دفاعًا عن الوطن. بعد تحرير الجزيرة، عدت إليها لمرحلة البناء، والتقيت بالدكتور أسامة الوزير، راجيًا عودتي إلى عملي في مستشفى الكلى واستئناف عمليات الزراعة. استجاب الوزير بعد أسبوعين بخطاب لمستشفى الكلى بتعييني رئيسًا للجنة زراعة الكلى، ولكن حتى الآن لم يسمح لي المدير المكلف بتسلم عملي والبدء في البرنامج.
لماذا تم تهميشي؟
السبب الحقيقي وراء تهميشي ونقلي هو:
1. اتهامي بالانتماء للإسلاميين: وهو ما لا يتماشى مع توجهات القحاطة المسيطرين على مستشفى الكلى ووزارة الصحة، ومعاداتهم للقوات المسلحة.
2. الفساد المستشري في مستشفى الكلى: حيث يسيطر أخصائيو جراحة المسالك البولية على المستشفى ويحولونه إلى عمل خاص بأسعار باهظة، بينما العمليات الحكومية قليلة جدًا وتستغرق مواعيدها شهورًا.
معاناتي كفاءة مُهدرة:
أكثر من ثلاث سنوات وأنا عاطل عن العمل في وطني، رغم مؤهلاتي وشهاداتي وجوائزي العالمية ومشاركتي في بحث الصمغ العربي الذي أثبت نجاحه في علاج الفشل الكلوي، والذي يمكن أن يجلب للسودان عملة صعبة تفوق البترول والذهب.
عروض مغرية من الخارج:
تصلني عروض وعقود مغرية من بريطانيا والسعودية وغيرها، ولكنني أرفضها حبًا في وطني.
تقدير الغرب للعلم:
عندما كنت في بريطانيا، كان مدربي يقول لزملائه الأطباء: “الدكتور ياسر أولًا ثم أنا”، لأنهم يقدرون العلم والعلماء، ويعملون في دولة مؤسسات تحكمها القوانين.
خاتمة:
راتبي في وزارة الصحة السودانية كاستشاري هو 111 ألف جنيه سوداني، أي أقل من مائة دولار. ورغم ذلك، أنا باقٍ في السودان، أدافع عنه بالعلم والسلاح، وراضٍ تمام الرضا. ولكن، إلى متى سيستمر هذا الإهمال؟ وإلى متى ستبقى حقوقنا مهدرة؟
د. ياسر محمد علي شبارقة
استشاري أمراض وزراعة الكلى والموجات الصوتية وإدارة المستشفيات
مدني، السودان
14 أغسطس 2025