رواية “الغاز السام” في الخرطوم:ما الحقيقه!!
متابعات-مرآة السودان-⭕ رواية “الغاز السام” في الخرطوم:ما الحقيقه!!

⭕ تفكيك رواية “الغاز السام” في الخرطوم: الإعلام تحت المجهر
متابعات-مرآة السودان-
في الأيام الأخيرة، ضجّت منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام السودانية بأخبار مثيرة حول استخدام ما سُمّي بـ”الغاز السام” في الخرطوم. الرواية انتشرت بسرعة، مدفوعة بحالة الخوف العام، والشكوك المتزايدة تجاه الأطراف المتحاربة. غير أن كثافة التداول لا تعني بالضرورة صدقية المعلومة، وهنا تبرز الحاجة إلى تفكيك السردية: كيف نشأت؟ من ضخّمها؟ وما الذي يكشفه هذا عن واقع الإعلام في السودان اليوم؟
أولاً: ولادة الرواية وانتشارها
- بدأت القصة عبر منشورات على فيسبوك وتويتر (إكس) تتحدث عن حالات اختناق مفاجئة في بعض أحياء الخرطوم.
- بعض الصفحات الإخبارية أعادت نشر الادعاءات دون تحقق، مستخدمة لغة مثيرة مثل: “كارثة وشيكة” أو “سلاح محظور”.
- في ظل غياب مصادر رسمية موثوقة وسرعة التداول، تحولت الرواية إلى “حقيقة” عند شريحة واسعة من الجمهور.
ثانياً: التناقض في السرديات
- جهات إعلامية مقرّبة من طرف في الصراع تبنّت القصة لتصوير الخصم كمنتهك للقانون الدولي.
- في المقابل، إعلام الطرف الآخر نفى بشدة واعتبرها “حملة دعائية”.
- المنظمات الدولية لم تؤكد حتى اللحظة أي استخدام لغازات سامة في الخرطوم، ما يعكس فراغاً في الأدلة.
ثالثاً: الإعلام بين المهنية والدعاية
- غياب أدوات التحقق المستقل (مراسلون ميدانيون، وصول منظمات دولية) جعل بيئة الأخبار خصبة للإشاعة والتضليل.
- معظم الوسائل اعتمدت على “مصادر محلية مجهولة” أو “مقاطع فيديو غير مؤكدة”.
- اللغة الانفعالية تغلّبت على المعايير الصحفية، وهو ما ضاعف منسوب الهلع في المجتمع.
رابعاً: البعد النفسي والسياسي
- في مناخ الحرب، يصبح الخوف سلاحاً بحد ذاته، وقد يكون تضخيم رواية الغاز السام أداة نفسية لإرباك المدنيين أو إحراج الخصم دولياً.
- هذه الاستراتيجية ليست جديدة؛ إذ تكررت في نزاعات أخرى حيث استُخدم خطاب “الأسلحة الكيماوية” كأداة سياسية قبل أن تُثبت أو تُنفى الوقائع ميدانياً.
خامساً: الدروس المستخلصة
- ضرورة التحقق قبل إعادة نشر الأخبار، خصوصاً في بيئة مليئة بالتضليل.
- مسؤولية الإعلام المستقل في كسر دوامة الشائعات عبر التحقيق الميداني والتدقيق الرقمي.
- وعي الجمهور يمثل خط الدفاع الأول ضد الأخبار المفبركة أو المبالغ فيها.
رواية “الغاز السام” في الخرطوم تكشف هشاشة المشهد الإعلامي السوداني، حيث يمتزج الخبر بالاشاعة، والمعلومة بالدعاية. في ظل غياب إعلام مهني ومصادر موثوقة، يصبح المواطن محاصراً بين الخوف والتضليل. ولذلك، فإن معركة الوعي اليوم لا تقل أهمية عن معركة السلاح