د.طارق عشيري يكتب همسه وطنيه كيف نقرأ الواقع بصدق وشجاعة
متابعات -مرآة السودان -د.طارق عشيري يكتب همسه وطنيه كيف نقرأ الواقع بصدق وشجاعة

همسه وطنيه
دكتور طارق عشيري
كيف نقراء الواقع بصدق وشجاعة
وانا اتابع عبر القروبات بعض المقاطع لشباب طموح يعمل علي تشخيص الحاله السودانية وفق رؤية علميه وشرح رائع لبعض علل السودان استوحي منهم عدد من اسماء المقالات التي اكتبها ويدفعني حديثهم للكتابه لانني اجد فيهم مستقبل السودان وان بناء السودان الجديد المشرق
لا يمكن أن يتحقق بالشعارات وحدها، ولا بالخطابات العاطفية، وإنما بالانطلاق من فهم عميق للواقع. فالأمم لا تنهض ما لم تُشخّص أمراضها بدقة، وتستوعب تحدياتها، وتعرف نقاط قوتها وضعفها، لتضع الخطط العملية القابلة للتنفيذ
اليوم يمر السودان بمرحلة تاريخية صعبة؛ حرب أنهكت المواطن، واقتصاد يترنح، ونسيج اجتماعي تعرض لهزات كبيرة. لكن في المقابل، رغم اننا نمتلك موارد ضخمة، وموقعاً استراتيجياً، وطاقات بشرية هائلة قادرة على صناعة الفرق. الا اننا لم نستطيع تغير واقعنا الي الاحسن وهنا يكمن جوهر القضية: كيف نقرأ هذا الواقع بصدق وشجاعة، لنحوّل التحديات إلى فرص؟
الفهم الصحيح للواقع يعني أن نضع أولويات واضحة منها وقف الحرب وإحلال السلام أولاً، إعادة بناء المؤسسات ثانياً، ثم الانطلاق نحو التنمية عبر الاستثمار في الإنسان والموارد. وهو أيضاً دعوة للتخلي عن وهم الحلول السريعة والاعتراف بأن الطريق طويل، لكنه ممكن إذا ارتكز على رؤية واقعية.
إن مستقبل السودان لن يُبنى بالإنكار أو الهروب من الحقائق، بل بالجرأة في مواجهتها، والقدرة على رسم خارطة طريق تنبع من الواقع نفسه. فحين نفهم واقعنا كما هو، لا كما نتمنى أن يكون، نصنع البداية الصحيحة نحو سودان العدالة والتنمية والاستقرار.
إن بناء السودان الجديد ليس مشروعًا عاطفيًا ولا مجرد أمنيات تُرفع في الخطب والندوات، بل هو عملية واقعية تبدأ من قراءة دقيقة وصادقة لواقع البلاد. فالشعوب التي غيّرت مصيرها لم تفعل ذلك بالقفز على الحقائق أو إنكارها، وإنما بالاعتراف بما هي عليه، ثم وضع الخطط العملية لتجاوز الأزمات وتحويلها إلى فرص للنهوض.
علينا تشخيص الواقع السوداني بدقه وعلميه وفق ماهو مطلوب للمرحله حيث يعاني السودان اليوم من جراح
الحرب التي عصفت بالمجتمع، وأضعفت مؤسسات الدولة، وأدخلت الاقتصاد في حالة شلل شبه كامل. إضافة إلى ذلك، تراجعت الخدمات الأساسية، وتشتت الملايين من المواطنين بين نزوح ولجوء، مما ترك أثرًا عميقًا على النسيج الاجتماعي.
لكن في المقابل، السودان يمتلك ثروات زراعية وحيوانية ومعدنية هائلة، وموارد بشرية شابة، وموقعًا استراتيجيًا فريدًا يربط بين إفريقيا والعالم العربي والبحر الأحمر. هذا التوازن بين التحديات والفرص هو الذي يجب أن يُفهم بعمق، لأنه يمثل نقطة الانطلاق لأي مشروع وطني حقيقي.
هنا تأتي اهمية الفهم الواقعي الذي لا يعني الاستسلام للأزمات، بل يعني تحديد الأولويات بوضوح
من دون الاعتراف بالواقع، سنظل ندور في حلقة من الوعود الزائفة والآمال المعلقة. لكن بالجرأة على مواجهة الحقائق، يمكن أن نرسم خارطة طريق عملية تبدأ بخطوات صغيرة ولكن راسخة. فالتغيير الحقيقي لا يحدث دفعة واحدة، وإنما عبر إصلاح تدريجي ومتدرج يضع اللبنات الأولى لسودان المستقبل.
إن “فهم الواقع” ليس ترفًا فكريًا، بل هو شرط أساسي لبناء السودان. فحين ندرك من نحن، وما نملك، وما ينقصنا، يمكن أن نضع خططًا متينة تتجاوز الفوضى إلى الاستقرار، ومن المعاناة إلى التنمية. السودان وطن عظيم، ولن ينهض إلا بقراءة واقعية وشجاعة لمساره، ليصبح حقًا وطنًا يسع الجميع، ويقود أبناءه إلى مستقبل يليق بتضحياتهم. سودان مابعد الحرب اقوي واجمل