مقالات

د. حسين يعقوب يكتب .. الموارد المسلوبة والإرادة المفقودة رحلة السودان مع الاستعمار والنخب

مقالات _ مرآة السودان

د. حسين يعقوب يكتب .. الموارد المسلوبة والإرادة المفقودة رحلة السودان مع الاستعمار والنخب

السودان بلد شاسع مترامي الأطراف حباه الله بموارد متنوعة إذا كانت زراعية أو حيوانية او معدنية او غابية او بحرية أو غيرها ورجال أقوياء فلذلك كأن حاضر فى أجندة وخطط المستعمر منذ قديم الزمان فلذلك كأن محل تنافس بين المستعمرين. فالطليان في الشرق والفرنسيين فى الغرب وجاء الغزو التركى من الشمال من أجل المال والرجال وجاء من بعده الغزو الانجليزي المصرى والذي سعى إلى بناء مؤسسات تضمن له استمرار سياساته حتى بعد خروجه فلذلك قام ببناء المؤسسة العسكرية والتى تقوم على التعليمات والأوامر وبالرغم من أن المستعمرين يتحدثون عن نشر قيم الديمقراطية ولكن في المستعمرات يفضلون النظم العسكرية لأنه يسهل التعامل معها وكذلك أسسوا المدارس النظامية لتقوم بتخريج موظفين مؤمنين بالثقافة الغربية وكذلك أنشأوا أحزاب سياسية قاعدتها من الطوائف الدينية وقيادتها السياسية من العلمانيين والكلمة النهائية فيها تخضع للسيد أو الإمام وكذلك الإدارات الأهلية والطرق الصوفية التي تحظى بالتقدير والاحترام من أتباعهم وليس لهم إهتمام بالعمل السياسي فلذلك لا مانع لديهم من التوسع والتمدد لهذه الكيانات وسط المجتمع فهذه السياسية أنتجت شعب مسلوب الإرادة عاطل عن التفكير ينتظر التعليمات ممن يدين له بالولاء والطاعة وكذلك شجع المستعمر على وجود الأحزاب الشيوعية والاشتراكية والأحزاب التى تدعو إلى القومية العربية ونسبة لأن هذه الأحزاب يمكن تحد من تمدد الثقافة الإسلامية وسط المجتمع وبما أن هذه الأحزاب ليس لها قبول شعبى فهى غالباً تفضل العمل من داخل الأحزاب التقليدية وكذلك استطاع المستعمر تغيير نمط حياة الناس إذا كان ذلك في الزي أو النظام الغذائي فكان الرداء و البنطلون والاسكيرت والبلوزاء والكعب العالى والقمح كنظام غذائي وصار سلعة سياسية تركع عبرها الحكومات ويتم استيرادها من الخارج مدعومة من الدولة وبهذه السياسية صرف الدولة عن تلبية احتياجات المواطنين من مواردها المحلية واتجاهها إلى الاستيراد بالرغم من وجود صناعات ممتازة فى مجالات مختلفة مثل الغزل و النسيج و الصناعات الجلدية و الزيوت والصابون وغيرها من الصناعات التي يمكن أن تغطى الاستهلاك المحلي وتصدر الفائض ولكن مع ذلك صارت الدولة توفر أغلب احتياجاتها من الخارج والتي تحتاج إلى توفير عملة صعبة ومن هذا الباب نتجت الأزمات الاقتصادية والتى تسببت في عدم الاستقرار السياسي والذى بدوره أدى إلى التغير في الحكومات من فترة لأخرى من حكومة عسكرية تسقطها ثورة شعبية تسرقها النخب السياسية الانتهازية إلى حكومة مدنية تسقط بانقلاب عسكري ولما كان الشعب السوداني شعب عاطفى وسهل الانقياد فكان من السهولة خلق قيادات له فإذا أخذنا المؤسس كنموذج حاولت البحث عن سيرته الذاتية لأعرف مجاهداته وكفاحه فلم أجد غير أنه تم ترشيحه من قبل الإنقاذ وزيراً للمالية فاعتذر وبهذا الاعتذار صار بطلاً قومياً وقائد لأعظم ثورة شعبية فى التاريخ الحديث وبالرغم من أن الثورة رفعت شعار حريه وسلام وعدالة ولكنها تعثرت ووقفت عند كلمة تسقط بس وكل كوز ندوسه دوس وبذلك حققت ما خطط له المستعمر بامتياز هو عدم وجود حكومة قوية تستغل موارد هذه البلاد لصالح شعبها لأن هذه الموارد على حسب الخطط المرسومة يجب أن لا تستغل الان وانما تكون احتياطى تستغل لصالح شعوب الدول المستعمرة فى الزمن المناسب وكانت هناك فرصه لحكومة الإنقاذ باعتبارها رفعت الشعار الاسلامى أن تحدث نقلة في تفكيك هذه السياسات لصالح الوطن ولكن هى كذلك لم تستطع أن تخرج من الخط الذي رسمه المستعمر فلذلك تبنت سياسية التحرير الاقتصادي و التي من أهم مقومات نجاحها أن تكون هناك بنيات تحتة قوية مثل الكهرباء والطرق والاتصالات و متوفرة للجميع حتى تكون هناك منافسة شريفة ومع عدم توفر هذه البنيات اقدمت الدولة على تنفيذ هذه السياسة والتى بدورها قادت إلى الخصخصة التي تم فيها بيع كل المؤسسات والشركات الحكومية الناجحة مثل شركة الحبوب الزيتية وشركة الصمغ العربي وشركة الاقطان ومؤسسات مثل النقل المكنيكي والنقل البحري والنهرى غيرها من المؤسسات الناجحة بهذا فقدت الدولة أسواقها العالمية والكوادر المؤهلة في هذه المجالات وهذه السياسات أثرت حتى على شركات القطاع الخاص مثل النسيج السودانى وصناعة الزيوت التى كان للشيخ مصطفى الأمين مستودعات ضخمة في بورسودان لصادر الزيوت وهنالك مصانع الايطارات كلها توقفت بسبب هذه السياسات التى افقدت الحزينة العامه للدوله أهم مصادر الإيرادات للعملة الصعبة وبذلك وقع السودان فى شرك سياسات البنك الدولى التى اغرقته فى الديون وصار أسيرا لها وبالرغم من أن الإنقاذ اجتهدت في استخراج البترول والاهتمام بالصناعات الدافعية ولكن مع ذلك الخسارة الناتجة من تبنى سياسية التحرير الاقتصادي و عملية الخصخصة كانت أكبر بكثير من العائد من استخراج البترول والصناعات الدفاعية و مدمرة للاقتصاد السودانى ومن خلال هذا الاستعراض نجد أن كل القوى السياسية التي كانت فى الحكم أو المعارضة هى بوعى منها أو بدون وعى كانت أداة في تنفذ السياسيات التى رسمها المستعمر والحرب الدائرة الان هى مرحلة من مراحل تنفيذ هذه السياسة فهل ينتبه الساسة في السودان إلى ما حدث ويحدث لبلدهم بسبب عدم وعيهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى