مقالات

د.حسين العالم يكتب .. ركائز الوطن: فهم الثوابت الوطنية. 

د.حسين العالم يكتب .. ركائز الوطن: فهم الثوابت الوطنية.

الثوابت الوطنية هي المبادئ والقيم الأساسية التي تشكل هوية الأمة وتحدد مسارها السياسي والاجتماعي والثقافي. تختلف هذه الثوابت من دولة لأخرى حسب تاريخها وثقافتها، لكنها غالباً ما تتضمن:

 

– السيادة الوطنية: حماية استقلال الدولة وسلامة أراضيها من أي تدخل خارجي.

 

– وحدة الوطن: الحفاظ على تماسك الدولة وتضامن شعبها بغض النظر عن الخلافات الداخلية.

 

– الدستور والقانون: الالتزام بالنظام القانوني للدولة واحترام المؤسسات الدستورية.

 

– المواطنة: المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم.

– الهوية الوطنية: الاعتزاز بالهوية الثقافية والتاريخية للأمة، والمحافظة على تراثها.

– القيم الأخلاقية: الالتزام بمجموعة من القيم الأخلاقية المشتركة، مثل العدالة والمساواة والحرية والسلام.

من المهم الإشارة إلى أن فهم الثوابت الوطنية قد يختلف من شخص لآخر، وقد تكون هناك اختلافات في وجهات النظر حول أهمية بعضها، إلا أن وجودها ضروري لتماسك الدولة وازدهارها. وإذا حاولنا أن نسقط هذه الثوابت الوطنية على مكونات المجتمع السوداني نجد أن أغلب مكونات المجتمع السودانى وبالرجوع إلى دساتير هم والنظم الأساسية لهم نجدها متضمنة فيها هذه الثوابت بالإضافة إلى أن الغالبية من السودانيين هم مسلمين والإسلام، كدين، لا يُحدد ثوابت وطنية محددة. فهو دين عالمي، وتعاليمه الأساسية تتعلق بالعلاقة بين الإنسان وخالقه وبين الناس بعضهم البعض، وليس ببناء الدول أو تحديد هويتها الوطنية. لكن، مع ذلك نجد ان أغلب هذه الثوابت الوطنية تعتبر كمبادئ تتوافق مع مبادئ الإسلام الأساسية.وقد تمثل ذلك في الدولة التي أسسها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد الهجرة) تمثل أساسًا في بناء مجتمع إسلامي متماسك، عادل، ومتعدد الأديان والثقافات. ولكن مشكلة مكونات المجتمع السوداني نجدها عند الممارسة والتطبيق حيث يصبح الشخص وطنى عندما يكون في السلطة وغير وطنى عندما يكون خارجها وهذا التوصيف جعل السودانيين في صراعات مستمرة وهذا يستدعي أن يدير السودانيين فيما بينهم حوارات لتحديد الثوابت الوطنية وهذه العملية في مجتمع متباين الأفكار عملية معقدة تتطلب حكمة و حوارًا بناءً. لا يوجد حل سهل أو نهج واحد يناسب الجميع، لكن يمكن اتباع بعض المبادئ التوجيهية:

 

1. الحوار و التشاور:

– أهمية الحوار المفتوح: يجب أن يكون تحديد الثوابت الوطنية عملية تشاورية شاملة، تُشرك جميع أطياف المجتمع، بما في ذلك الأقليات. يجب أن يكون هذا الحوار مفتوحاً وصادقاً، يسمح بالتعبير عن الآراء المختلفة بحرية واحترام.

– التركيز على القواسم المشتركة: بدلاً من التركيز على الخلافات، يجب البحث عن القواسم المشتركة و القيم الأساسية التي تجمع أفراد المجتمع. قد تكون هذه القيم مرتبطة بالتاريخ المشترك، أو الهوية الثقافية، أو التطلعات المستقبلية.

– دور المؤسسات الوطنية: تلعب المؤسسات الوطنية، مثل البرلمان و الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني، دوراً حيوياً في تنظيم الحوار و ضمان تمثيل جميع الأصوات.

 

2. تحديد القيم الأساسية:

– التركيز على القيم الجامعة: يجب أن تكون الثوابت الوطنية قائمة على قيم جامعة، مثل العدالة، و المساواة، و احترام حقوق الإنسان، و سيادة القانون. هذه القيم يجب أن تكون بمثابة أساس لبناء مجتمع متماسك.

– الابتعاد عن القيم المثيرة للجدل: يجب تجنب تضمين قيم مثيرة للجدل أو انقسامية في الثوابت الوطنية، لأن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات الموجودة.

– الوضوح و الدقة: يجب أن تكون صياغة الثوابت الوطنية واضحة ودقيقة، لتجنب أي لبس أو سوء فهم.

 

3. آليات الضمان و التنفيذ:

– الالتزام المؤسسي: يجب أن تلتزم المؤسسات الوطنية بتطبيق الثوابت الوطنية، و حماية القيم التي تمثل أساسها.

 

– التعليم و التوعية: يجب تفعيل دور التعليم و التوعية في نشر الوعي بالثوابت الوطنية، و تعزيز قيم المواطنة و الانتماء الوطني.

– الرقابة و المساءلة: يجب وجود آليات للرقابة و المساءلة لضمان الالتزام بالثوابت الوطنية، و معاقبة أي انتهاكات لها.

 

4. المرونة و التطور:

– الثوابت ليست جامدة: يجب أن تكون الثوابت الوطنية مرنة وقابلة للتطور مع مرور الوقت، لتتناسب مع التغيرات الاجتماعية و السياسية. لكن هذا التطور يجب أن يكون تدريجياً و مدروساً، و لا يمس القيم الأساسية التي تمثل أساسها.

– الاستجابة للتحديات الجديدة: يجب أن تكون الثوابت الوطنية قادرة على الاستجابة للتحديات الجديدة التي تواجه المجتمع، مثل التغيرات التكنولوجية أو التحديات البيئية.

في الختام: تحديد الثوابت الوطنية في مجتمع متباين الأفكار هو عملية مستمرة تتطلب الصبر و الحكمة و العمل الجماعي. يجب أن تكون هذه الثوابت قائمة على قيم جامعة، و قابلة للتطور مع مرور الوقت، و مدعومة بآليات ضمان التنفيذ. الهدف النهائي هو بناء مجتمع متماسك و مزدهر، يعتز بهوية وطنية مشتركة. فهل يمكن لأهل أن يتفقوا على هذه الثوابت الوطنية الالتزام بتطبيقها بغض النظر إذا كانوا في الحكومة أو المعارضة والله نسأل التوفيق والسداد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى