مقالات

د. حسين العالم يكتب: اختيار الوزراء.. هل ينقذ كامل إدريس من لعنة “التعيين السياسي” التي مزقت السودان؟**

متابعات- مرآة السودان

د. حسين العالم يكتب: اختيار الوزراء.. هل ينقذ كامل إدريس من لعنة “التعيين السياسي” التي مزقت السودان؟**

تتجه أنظار السودانيين نحو رئيس الوزراء كمال إدريس وهو يستعد لأصعب مهمة: تشكيل حكومة تخرج من عباءة المحاصصة وتتحدى إرثاً ثقيلاً من “توظيف السياسة” الذي شوه تاريخ البلاد. فطوال عقود، ظل التعيين للوظائف السيادية والوزارية سجين الأهواء الحزبية والعسكرية والقبلية، تاركاً جراحاً عميقة في جسد الإدارة السودانية.

### تاريخ مُرّ.. شواهد على فشل “المحسوبية”:
* **عهد نميري:** جاء بانقلاب بغطاء يساري، ليفتح باب “التطهير” ضد العناصر الإسلامية في الخدمة المدنية، مقدماً الولاء السياسي على الكفاءة.
* **ما بعد نميري:** رفعت حكومة “الديمقراطية الثالثة” شعار “كنس آثار مايو”، ووصل الأمر إلى قص أعمدة سور المجلس الوطني الرمزية! لكن الشعارات لم تُترجم لمعايير تعيين عادلة.

* **حكم الإنقاذ:** أسقطت أسوأ النماذج؛ مزجت العسكر بالحزب، وأدخلت “القبيلة” في استمارات التوظيف، مُبددةً أحلام “نزول قيم السماء إلى الأرض”.
* **ما بعد ثورة 2019:** جاءت الثورة بـ “الحرية والسلام والعدالة”، لكن ظلال الفصل والتشريد والمصادرات بقيت تطارد المشهد، في تكرار مأساوي لأخطاء الماضي.

### الطريق الوعر: معايير الإنقاذ السبعة!
في هذا الملف الشائك، يقدم الخبراء والإداريون وثيقة إنقاذ جذرية: **بناء الحكومة والوظيفة العامة على 7 أركان لا مجال للتفريط فيها:**

1. **الكفاءة والقدرة:** المعرفة المتخصصة، الخبرة الرصينة، والنزاهة هي جواز المرور الوحيد للمناصب.
2. **العدل والاستقامة:** تطبيق القانون دون محاباة أو مجاملة.. فالإنصاف عماد الثقة.
3. **التقوى والورع:** التزام بالشرع والقانون، ودرع واقٍ للمال العام من عبث العابثين.
4. **السيرة الأخلاقية:** سُمعة طيبة ونظافة كف عن الرشوة والفساد شرط لا مساومة عليه.
5. **الخبرة الميدانية:** لا مكان للتجارب العشوائية في المناصب الحساسة التي تتطلب خبرات تراكمية.
6. **الولاء للوطن والدين:** الإخلاص في العمل لصالح المجتمع، وليس لجهة أو حزب أو قبيلة.
7. **انتفاء الموانع:** ضمان السلامة العقلية والجسدية والوطنية لمن يتولون أمانة الشعب.

> **”التعيين بالكفاءة وحده هو الذي يحوّل برامج الحكومة من حبر على ورق إلى واقع ملموس. تحقيق 60% من هذه المعايير يعني أننا تجاوزنا نصف معركة بناء الدولة!”**

### التحدي القادم: من التنظير إلى التطبيق!
الحكومة تمتلك برنامجاً طموحاً وخطوطاً عريضة، لكن نجاحها معلق بـ “كيفية” الاختيار. هل يستطيع كمال إدريس وزراءه كسر دائرة المحسوبية التاريخية؟ هل سيكون التعيين بناءً على “من أنت؟” لا “لمن تنتمي؟”.

الطريق صعب وطويل، لكن البداية الصحيحة ممكنة.. والبداية هي **فصل الأوراق المتساقطة للحزبية والقبلية والعسكرة عن شجرة الكفاءة والعدل التي يتوق إليها شعبٌ أنهكته التجارب.** السودان ينتظر خطوة شجاعة تضع الأساس لدولة المؤسسات، لا دولة الولاءات الضيقة. الرحلة طويلة، لكن شمس الحكم الرشيد لا تشرق إلا من بوابة الاختيار الصائب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى