مقالات

.حسين العالم يكتب:كامل إدريس رئيسًا للوزراء في السودان: خطوة بين التطمين الدولي والتحديات المحلية

د.حسين العالم يكتب:كامل إدريس رئيسًا للوزراء في السودان: خطوة بين التطمين الدولي والتحديات المحلية

تعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا للوزراء في السودان يمثّل خطوة محورية في لحظة حرجة من تاريخ البلاد، وسط نزاع مسلح دامٍ بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023. هذا القرار السياسي، رغم تعقيداته، يحمل في طياته رسائل متعددة موجهة للداخل والخارج، ويحمل آثارًا محتملة على الوضع الأمني والسياسي الذي تعيشه البلاد.

من هو كامل إدريس؟

الدكتور كامل الطيب إدريس شخصية سودانية ذات ثقل دولي. وُلد في 26 أغسطس 1954 بمدينة أم درمان وينتمي إلى قبيلة النوبة من منطقة الزورات شمال دنقلا. حاصل على بكالوريوس في القانون من جامعة الخرطوم، ودكتوراه في القانون الدولي من جامعة جنيف. شغل مناصب رفيعة دولية، أبرزها المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) لقرابة عقد من الزمان، كما ترأس الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية، وكان عضوًا بلجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة.

دلالة التوقيت

يأتي تعيين إدريس في ظل استمرار النزاع المسلح وتدهور الوضع الإنساني،وبالرغم من استعادة الجيش للخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وغيرها من مدن السودان والآن على مشارف غرب كردفان مع ذلك لا تزال قوات الدعم السريع تشنّ هجمات بطائرات مسيّرة على مواقع حيوية في بورتسودان، ما يعكس دخول العملية العسكرية إلى منحنى جديد وتعدد بؤر التهديد.

رسائل داخلية وخارجية

اختيار شخصية تكنوقراطية غير منخرطة في الاستقطاب السياسي، له دلالات هامة:

دوليًا، يحمل التعيين رسالة طمأنة للمجتمع الدولي، بأن السودان يسعى لاستعادة مسار الحكم المدني.

إقليميًا، هو محاولة لتجنب استفزاز أي من القوى المؤثرة مثل مصر، السعودية، والإمارات.

اقتصاديًا، وجود شخصية ذات علاقات دولية واسعة قد يساعد في إعادة فتح قنوات المساعدات والتمويل في ظل الأزمة الإنسانية الحادة.

التحدي الأكبر: الداخل السوداني

رغم أهمية هذه الخطوة، فإن نجاحها مشروط بإرادة سياسية حقيقية تشمل:

وقف الحرب

إطلاق عملية سياسية انتقالية

إشراك كافة مكونات الداخل

إعادة بناء الثقة بين القوى المدنية والعسكرية

الدكتور إدريس، ورغم خلفيته الدولية، له محاولات سابقة للمّ الشمل السياسي، حيث نجح في جمع ممثلين عن الحكومة والمعارضة في منزله أثناء فترة حكم الإنقاذ. هذه المهارات قد تكون حاسمة في المرحلة القادمة.

عموما تعيين كامل إدريس هو خطوة يمكن وصفها بـ”الحل الوسط” الذي يوازن بين الداخل والخارج، وبين الحاجة للشرعية والدعم، والرغبة في تجنب الاستقطاب. لكنه يظل مقيدًا بقوة المؤسسة العسكرية، وانقسام الجبهة الداخلية، ما لم يُستكمل بمشروع سياسي حقيقي يقود إلى سلام شامل وانتقال ديمقراطي متماسك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى