د.حسين العالم يكتب:السودان بين المحنة والمخرج: قراءة إسلامية في زمن الابتلاء

د.حسين العالم يكتب:السودان بين المحنة والمخرج: قراءة إسلامية في زمن الابتلاء
في الوقت الذي كان فيه الشعب السوداني يتطلع إلى الاستقرار والتحول السياسي السلمي، عصفت به عواصف من الابتلاءات الثقيلة، بدأت بتنازع السلطة وامتدت إلى حرب طاحنة أكلت الأخضر واليابس، وخلّفت ملايين المشردين، وأدخلت البلاد في نفق مظلم من الأزمات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية.
إن ما يمر به السودان اليوم ليس مجرد أزمة سياسية أو عسكرية فحسب، بل هو ابتلاء عظيم ينبغي أن يُقرأ قراءة وعي وإيمان، بعيدًا عن التفسيرات السطحية و الانفعالية. فالله تعالى يقول:
“ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها” (الحديد: 22).
ويقول أيضًا:
“وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير” (الشورى: 30).
جذور الأزمة: غفلة وفتن
لقد ابتُلي السودان بجملة من الأسباب المتداخلة، أبرزها الغفلة الجماعية عن الدين، والانقسام الحاد بين مكونات المجتمع، وسفك الدماء، وغياب العدل، وفساد الذمم، وتقديم الولاء للقبيلة أو الحزب على حساب الوطن والدين. وكم من مرة أنذر الله عباده بالبأساء والضراء لعلهم يرجعون، كما قال سبحانه:
“فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم” (الأنعام: 43).
ما السبيل للخروج؟
الخروج من هذه المحنة لا يكون بمزيد من السلاح أو التدويل أو تبادل الاتهامات، بل يبدأ بخطوات إيمانية وعملية، منها:
التوبة الجماعية والرجوع إلى الله، فالتغيير الحقيقي يبدأ من الداخل.
إعلاء قيمة الوطن فوق كل اعتبار قبلي أو حزبي أو جهوي.
تحقيق العدل بين الناس، ورد المظالم، وبناء دولة مؤسسات لا أفراد.
الدعاء الصادق مع العمل المخلص، فـ”النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب”.
السودان اليوم على مفترق طرق: إما أن يواصل الانحدار في درب الفتن والدماء، أو أن ينهض من رماده عبر مراجعة شاملة تعيد ترتيب الأولويات، وترتقي بالقيم، وتصحيح العلاقة مع الله والناس.
وإن كنا نرى السواد في الواقع، فإن الإيمان بالله يجعلنا نوقن بقول الحق سبحانه:
“فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا.”
“اللهم احقن دماء أهلنا في السودان، وأصلح ذات بينهم، واكفهم شر الفتن، وارزقهم الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، واجعل بلدهم آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.”