
تلغراف العدالة حكايه من زمن السكه حديد
رسالة صوتية حكى أحد أبناء المنطقة …. بابنوسة ….. حكاية جميلة من الزمن الجميل عندما كانت الخدمة المدنية تنافس الخدمة العسكرية في الضبط و الربط و يتساوى الإثنان في الرسميات ….. الأقرب و الأقوى كانت هي أم المصالح أو الاسم الثاني للسكة حديد ……
قطار متحرك في اتجاه بابنوسة و به عدد كبير من عساكر الجيش …. في إحدى المحطات اشترى أحد الجنود كمية من الروب (اللبن) من إحدي بائعات اللبن التي كانت تأتي به من قرية بعيدة لتسترزق بذلك الحلال الأبيض و أخذ منها (البخسة) بلبنها كاملة و اختفى وسط زملائه بداخل القطار …. تحرك القطار و فقدت تلك المرأة المسكينة ثمن اللبن و فقدت برمتها أو بخستها التي تحضر فيها اللبن …… لجأت لناظر المحطة و اشتكت كما يشكو المريض للطبيب و أخبرته بسوء تصرف ذلك الجياشي….. كان الناظر رجل سكة حديد بمعنى الكلمة و كما هو متوقع منه وظف صلاحياته و أدواته لصالح المواطن ….. طقطق تلغرافه للمحطة التالية و سجل بلاغا بكامل القصة ….. و بدوره أرسل ناظر المحطة التالية الإشارة الى محطة بابنوسة التي تصرف ناظرها كما هو متوقع ….. ما إن وصل القطار الى محطة بابنوسة إلا و كان قائد المنطقة هناك في انتظار القطار بقوته و عرباته ….. صعد الى القطار و أنزل ذلك الجندي و حاكمه في مجلس ميداني فوري و أخذ منه سعر اللبن و البخسة ….. بعد ساعات استقبل ناظر المحطة الأولى إشارة مفادها تم تحصيل سعر اللبن و البخسة إضافة الى مبلغ إضافي من قائد المنطقة و اعتذار عن الجيش السوداني الذي من واجبه حماية تلك المواطنة ناهيك عن ظلمها ……
هذه القصة…. قبل خمسين سنة … لو استمرينا على ذلك النهج لفتحنا فرع وكالة ناسا الفضائية في بابنوسة …