بناء حكومة انتقالية ناجحة في السودان: معايير الاختيار وآليات الشفافية.

د. حسين العالم يكتب :بناء حكومة انتقالية ناجحة في السودان: معايير الاختيار وآليات الشفافية.

تعد التجارب السابقة لتشكيل الحكومات الانتقالية في السودان، لا سيما تلك التي تلت انتفاضتي ١٩٦٤ و١٩٨٥ وثورة ديسمبر ٢٠١٨، دروساً قيّمة يجب الاستفادة منها لتشكيل حكومة انتقالية جديدة تلبي تطلعات الشعب في السلام والحرية والعدالة. وبالرغم من أنّ الطريقة التي تم بها تعيين الدكتور كامل إدريس رئيساً للوزراء تُوحي بوجود ترتيبات مسبقة والتزامات مُقدّمة، وأن الحكومة وبرنامج عملها مُحدّدان سلفاً، فإنّ ذلك لا يمنع من ضرورة إشراك الرأي العام في عملية الاختيار، والتأكيد على الشفافية والكفاءة والنزاهة. لذا، ولضمان تحقيق هذه المبادئ، يُقترح اعتماد المعايير التالية لاختيار الوزراء في الحكومة الوطنية:

أولاً: معايير الكفاءة والنزاهة:

1. الكفاءة العلمية والخبرة العملية: يجب أن يحمل المرشح مؤهلاً علمياً عالياً ذا صلة مباشرة بوزارته، وخبرة مهنية لا تقل عن عشر سنوات، خمس منها في مناصب قيادية أو إشرافية.

2. النزاهة المالية والقانونية: يجب أن يكون سجل المرشح الجنائي خالياً من أي حكم نهائي في قضايا فساد أو إساءة استخدام السلطة، وأن يتمتع بسمعة طيبة مهنياً واجتماعياً.

3. الالتزام الوطني: يجب أن يلتزم المرشح بالقيم الوطنية، ويحترم الدستور والقانون، وأن لا يكون ممثلاً رسمياً لأي جهة سياسية أو جماعة ضغط خلال فترة الترشح.

4. القدرة القيادية والإدارية: يجب أن يتمتع المرشح بمهارات قيادية وتواصلية عالية، وأن يكون قادراً على العمل ضمن فرق متعددة التخصصات، واتخاذ قرارات مدروسة قائمة على البيانات والتحليل الموضوعي.

5. الشفافية المالية: يجب على المرشح تقديم إقرار ذمة مالية قبل التعيين، والقبول بالتقييم الدوري من جهة رقابية مستقلة.

ثانياً: معايير التمثيل والتنوع:

1. التمثيل الجغرافي والنوعي: يجب ضمان تمثيل الكفاءات الوطنية من مختلف المناطق الجغرافية في السودان، مع مراعاة التنوع الجندري، والمُشاركة الشبابية، وتمثيل ذوي الكفاءات من الأقليات.

2. الاستحقاق والعدالة: يجب أن يكون معيار الجدارة هو الأساس في الاختيار، دون تمييز أو محاباة، مع تعزيز الشرعية الشعبية والثقة المجتمعية في مؤسسات الحكم، بما في ذلك تمثيل المجموعات التي شاركت في حرب الكرامة.

ثالثاً: آلية الاختيار:

1. المشاركة الشعبية: لتعزيز الشفافية وتقليل الضغوط على متخذي القرار، يُقترح إشراك الجمهور في عملية الترشيح عبر منصة إلكترونية مخصصة لذلك، بناءً على المعايير المحددة.

2. لجنة وطنية مستقلة: يجب تشكيل لجنة وطنية مستقلة ومحايدة لفحص الترشيحات وفرزها وفق المعايير المحددة.

3. الشفافية والمساءلة: يجب نشر قائمة بالمرشحين المقبولين، وعرضها على الجمهور لإبداء الملاحظات والآراء. ثمّ استبعاد المرشحين الذين وردت ضدهم اتهامات تمنعهم من تولي مناصب عامة.

4. الاختيار النهائي: يختار أعضاء اللجنة الوطنية المستقلة المرشحين النهائيين بعد عملية فرز وفحص دقيقة.ويتم اعتمادهم من رئيس مجلس الوزراء

يُمثّل اعتماد هذه المعايير خطوةً مهمة نحو بناء حكومة انتقالية فعّالة، شفّافة، تمثّل جميع المواطنين، وتعمل بروح المسؤولية الوطنية لتحقيق التنمية والعدالة.