مقالات

الحرب الإيرانية الإسرائيلية بين الأبعاد الدينية والاستراتيجية: صراع العقائد والسلاح

متابعات- مرآة السودان

الحرب الإيرانية الإسرائيلية بين الأبعاد الدينية والاستراتيجية: صراع العقائد والسلاح

متابعات- مرآة السودان تشهد الساحة الإقليمية تصعيدًا غير مسبوق في المواجهة بين إيران وإسرائيل، تتداخل فيه الحسابات السياسية والعسكرية مع دوافع دينية عميقة لدى الطرفين.

البعد الديني في العقيدة الإيرانية:

في الفكر الشيعي السياسي وتحديدًا ضمن مدرسة “ولاية الفقيه”، تُعدّ مقاومة إسرائيل جزءًا من التمهيد لظهور الإمام المهدي، وفق أدبيات الحوزات الدينية ووسائل الإعلام الرسمية.
يرتبط تحرير القدس في هذه العقيدة بمرحلة “آخر الزمان”، ما يضفي على الحرب بُعدًا رساليًا يتجاوز الجغرافيا والسياسة.

وتُعتبر أذرع إيران الإقليمية، مثل حزب الله وفيلق القدس، أدوات تنفيذ في هذا المشروع العقائدي، وهو ما يفسر تكرار الخطاب الرسمي الإيراني لمصطلحات مثل:

“الشيطان الأكبر” (في إشارة إلى الولايات المتحدة)،

و”الورم السرطاني” (في إشارة إلى إسرائيل).
وهي لغة رمزية تُستخدم لتعبئة الجماهير داخل وخارج إيران.

المنظور الإسرائيلي: الدين في خدمة الدولة

في المقابل، التيارات الدينية الصهيونية ترى في قيام دولة إسرائيل تجسيدًا لنبوءات توراتية، وتعتبر التهديدات الوجودية التي تواجهها الدولة العبرية، مثل إيران، علامات اقتراب مجيء “المشيح” أو المسيح اليهودي.

وتستند الأحزاب الدينية في إسرائيل إلى مفاهيم توراتية مثل “الشعب المختار”، و”تطهير الأرض من الأعداء”، لتبرير الضربات العسكرية، بل ودعم أي تحرك وقائي لحماية “الوعد الإلهي”، حسب اعتقادهم.

دوافع إسرائيل لشن الضربة العسكرية:

البرنامج النووي الإيراني:
إسرائيل تعتبر طموحات إيران النووية تهديدًا وجوديًا مباشرًا. لذا، تسعى لشل هذه القدرة عبر ضربات استباقية تستهدف المنشآت والعلماء والقيادات.

دعم إيران للمليشيات:
تعتبر تل أبيب أن حزب الله، وحماس، والحوثيين، هم وكلاء إيران في محيطها الجغرافي، ويشكلون تهديدًا دائمًا على أمنها القومي.

الصراع الإقليمي الأوسع:
المواجهة بين المحور الإيراني ومحور الولايات المتحدة – إسرائيل – بعض الدول العربية، خاصة مع تنامي نفوذ طهران في العراق وسوريا واليمن، دفع إسرائيل للتحرك الاستباقي.

أهداف إسرائيل من العملية:

تقليص نفوذ إيران الإقليمي.

منع تطور برنامجها النووي.

إرسال رسالة ردع للخصوم الإقليميين.

وقد نجحت الضربة الإسرائيلية الأخيرة – التي وُصفت بالدقيقة – في استهداف مواقع حساسة، وقتل شخصيات بارزة في الحرس الثوري والبرنامج النووي، مما يكشف ثغرات أمنية واختراقات داخلية خطيرة في النظام الإيراني.

الرد الإيراني ورسائله:

ردت طهران بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، في أول هجوم مباشر من الأراضي الإيرانية.

ورغم نجاح القبة الحديدية الإسرائيلية في اعتراض معظمها، إلا أن بعض الصواريخ وصلت إلى تل أبيب ومواقع عسكرية، وتسببت في أضرار بشرية ومادية، ما يثبت أن القدرات الإيرانية الصاروخية باتت قادرة على اختراق الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية.

ومن زاوية الكلفة:

أنفقت إيران ما يقارب 80–100 مليون دولار على الهجوم.

بينما تجاوزت كلفة الاعتراض الإسرائيلي مليار دولار، ما يعكس عدم التوازن في كلفة الاشتباك.

الرسالة الدينية والسياسية:

تمثل هذه المواجهة – وإن بدت سياسية – امتدادًا للبعد الديني المرتبط بقضية فلسطين، التي تظل في العقيدة الإسلامية قضية مركزية وعادلة.
ويرى كثير من المسلمين أن وجود إسرائيل في الأراضي المحتلة هو احتلالٌ صريح، ويستلزم دعمًا للمقاومة، سواءً كانت عبر إيران أو غيرها.

لكنّ الواقع يكشف غياب وحدة الجهود الإسلامية، إذ تُركت حماس وحيدة، ثم إيران، في مواجهة أعتى التحالفات الدولية.

إن المطلوب – الان– دعم حقيقي وموحد من الدول الإسلامية، ينسجم مع مبدأ نصرة المظلوم والدفاع عن المقدسات، وصولًا إلى تحقيق “نصر الله الموعود”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى