أسعار تذاكر الطيران في السودان.. بين غضب المسافرين وتحديات الشركات
متابعات-مرآة السودان-أسعار تذاكر الطيران في السودان.. بين غضب المسافرين وتحديات الشركات

أسعار تذاكر الطيران في السودان.. بين غضب المسافرين وتحديات الشركات
متابعات-مرآة السودان-إعداد: إبراهيم عدلان
أثار مقال قصير للإعلامي المعروف محمد حامد جمعة أشاد فيه بصمود شركات الطيران الوطنية، نقاشاً واسعاً بين المتابعين، حيث ركزت غالبية التعليقات على قضية ارتفاع أسعار التذاكر، واعتبرها الكثيرون عبئاً مباشراً على المسافرين في ظل الظروف المعيشية الضاغطة. وبينما يرى البعض أن اللوم يقع على الشركات، تكشف القراءة المتأنية أن تسعير التذاكر عملية معقدة تتداخل فيها عوامل عالمية ومحلية، وأن للدولة دوراً أساسياً في ضبط التوازن بين مصلحة المواطن واستمرارية هذا القطاع الاستراتيجي.
ما الذي يحدد أسعار التذاكر؟
لا تُحدّد أسعار التذاكر بطريقة عشوائية، بل تخضع لجملة من المؤثرات، أبرزها:
العرض والطلب: زيادة الطلب مع محدودية المقاعد ترفع الأسعار، خاصة في مواسم الحج والعمرة والعطلات.
الموسمية: أسعار الذروة تختلف عن فترات الركود، حيث تنخفض في المواسم الهادئة.
المنافسة: وجود أكثر من شركة على خط واحد يكبح الأسعار، بينما يؤدي الاحتكار إلى ارتفاع غير مبرر.
الضرائب والرسوم الحكومية: رسوم المطارات والملاحة الجوية تشكّل نسبة معتبرة من قيمة التذكرة.
تكاليف التشغيل: الوقود، الصيانة، قطع الغيار، الرواتب، والتأمين المرتفع بسبب تصنيف الأجواء السودانية ضمن مناطق “عالية المخاطر”.
خصوصية الوضع السوداني: بيع وقود الطيران بالعملة الصعبة يضعف الشركات الوطنية ويقلص قدرتها التنافسية.
واجب الدولة ودور الطيران المدني
في ظل الظروف الاقتصادية والواقع ما بعد الحرب، لا يكفي ترك الأسعار لعوامل السوق وحدها. وهنا يبرز دور الدولة وسلطة الطيران المدني في اتخاذ خطوات عملية، مثل:
تخفيض الرسوم والضرائب لتخفيف العبء على المسافرين.
فتح المجال أمام المنافسة وزيادة السعات التشغيلية.
تطبيق مبدأ الخدمة العامة (PSO) في الخطوط الحيوية مثل بورتسودان – جدة وبورتسودان – القاهرة لضمان أسعار عادلة.
مراقبة الممارسات الاحتكارية وتعزيز الشفافية.
تمكين الشركات الوطنية عبر توفير وقود الطيران بالعملة المحلية.
الخلاصة
تسعير التذاكر في السودان نتاج تفاعل بين ظروف السوق العالمية وضغوط محلية استثنائية، أهمها الوقود بالدولار والتأمين المرتفع ورسوم التشغيل. وبينما يحمّل المواطن الشركات مسؤولية الغلاء، يبقى الحل الحقيقي في تدخل حكومي ذكي يضمن التوازن: دعم الخطوط الوطنية، تخفيف الأعباء الضريبية، وتوفير الوقود بالعملة المحلية. بذلك فقط يصبح السفر ميسوراً للمواطن، وتستطيع الشركات الوطنية الاستمرار في أداء دورها الحيوي رغم كل التحديات.